كلمة الحير تعني البستان أو الواحة ولكن أصل هذه التسمية وتاريخ اعتمادها غير معروفين بالضبط كما يخبرنا الدكتور عبد القادر ريحاوي في مقال نشر في عدد الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة الصادر عام ١٩٧٦ (المجلّد السادس والعشرين).
المجمّع بشكله الحالي يعود لعهد هشام بن عبد الملك بدلالة نصّ كتابي منقوش على الحجر يفيد إلى إنشاء "المدينة" تحت حكم الخليفة المذكور عام١١٠ للهجرة (٧٢٨-٧٢٩ للميلاد). استنتج ريحاوي من دراسة ومقارنة أقدم النصوص التاريخيّة بداية من فتوح البلدان للبلاذري (توفّي ٨٩٢ للميلاد) وتاريخ الطبري (توفّي ٩٢٣ للميلاد) أنّ هذا القصر كان يدعى الزيتونة على الأقلّ لفترة مائتي عام بعد تدشينه.
يقع قصر الحير الشرقي على بعد مائة كيلومتراً شمال شرق تدمر بينها وبين الرصافة (Sergiopolis) وهو على الأرجح واحة زراعيّة قديمة أهملت وأعيد استثمارها وغرسها في العهد الأموي. يتواجد هذا المجمّع الهائل المساحة في سهل صحراوي وهو مطوّق بتصوينة يبلغ طولها سبعة كيلومترات تحيط بدورها مجموعتين مستقلّتين من الأبنية: قصر صغير وقصر كبير.
القصر الصغير أقرب ما يكون إلى شبه منحرف يبلغ طول ضلعه ٧٠ متراً على وجه التقريب. تقدّر سماكة البدنة courtine بأكثر من مترين ونرى في زوايا السور الأربعة أبراجاً أسطوانيّة وهناك أبراج مماثلة عددها ثمانية تقسم كلاً من أضلاع الجدار إلى ثلاثة أقسام متساوية باستثناء البرجين المحيطين بالبوّابة الوحيدة على الواجهة الغربيّة (الصورتان الملحقتان الملوّنة منهما عن Degeorge والثانية -مع الخارطة والمخطّط- عن ريحاوي والحوليّات). تستند على السور من الداخل أبهاء متطاولة تختلف أبعادها وتحيط بصحن مركزيّ كبير. البناء من الحجر الكلسي.
القصر الكبير أقرب إلى المدينة الصغيرة منه إلى القصر وهو مربّع تقريباً يصل طول ضلعه إلى حوالي ١٧٠ متراً ويحتوي على مساكن ومسجد ومعاصر زيتون ويمتدّ من أبواب أربعة تتوسّط كلاً من أضلاعه شارعان متعامدان يتقاطعان في وسط البلدة.
نعاين برجاً مربّعاً في الفضاء الفاصل بين القصرين لا يزال محتفظاً بدرج حلزونيّ وهو الأثر الوحيد الباقي من مسجد بني في العهود التالية.
تمتّع المجمّع بنظام ريّ متطوّر يكفي لسقاية مئات الهكتارات من الأراضي المزروعة أمّا عن جرّ المياه فكان بواسطة قناة تجاوز طولها ثلاثين كيلومتراً وصلت بين القصر وبين نبع الكوم إلى الشمال والغرب (الخريطة أعلاه).
Gérard Degeorge. Syrie: Art, histoire, architecture. Hermann (1983).
No comments:
Post a Comment