Friday, April 3, 2020

دار السعادة


الأسطر التالية مأخوذة في معظمها بتصرّف عن دراسة للدكتور عبد القادر ريحاوي بعنوان قصور الحكّام في دمشق نشر الجزء الثاني منها في المجلّد الثالث والعشرين للحوليّات الأثريّة السوريّة الصادر عام ١٩٧٣.

ليس تحديد المقصود بدار السعادة بالأمر السهل وتطلّب الأمر قسطاً لا بأس به من الوقت والجهد حتّى استطاع ريحاوي حلّ المعضلة عن طريق استقراء دقيق للمصادر التاريخيّة ألخّصه أدناه. 

هناك داران للسعادة الأولة مملوكيّة تواجدت داخل باب النصر (مدخل سوق الحميديّة الغربي لاحقاً) وجنوب القلعة والثانية عثمانيّة حلّت محلّ الأولى لاحقاً. 

تاريخ بناء دار السعادة العثمانيّة والانتقال إليها مجهول وإن أمكن تحديده بالتقريب استناداً إلى المعطيات التالية:


- العلموي (توفّي عام ١٥٧٣) كان آخر من ذكر دار السعادة في مكانها القديم داخل السور.
- الغزّي (توفّي ١٦٥٠) أوّل من ذكر دار السعادة في مكانها الجديد خارج السور في الأخصاصيّة (الدرويشيّة) وتحديداً بين جامع درويش باشا جنوباً وجامع السنجقدار شمالاً.
- جرى بيع دار السعادة القديمة لناظر وقف سنان باشا قبيل ١٦٢٣.

إذاً بنيت دار السعادة الجديدة بين ١٥٧٣ و ١٦٢٣! 

أقدم نصّ يذكر اسم السرايا (عوضاً عن دار السعادة) يعود لعام ١٦٧٣ ودرجت بعدها هذه التسمية التي تعني قصر الوالي أو مقرّ الحكومة. 

 على اليمين ساحة المشيريّة W.-D Lemke


كانت السرايا مؤلّفة من طابقين ولها ميدان أو ساحة تتوسّطها بحرة وكان فيها أشجار استعملت إحداها للشنق. باب السرايا الرئيس كان واقعاً في الشرق ودعي باب الهوا وكان يقابل باب النصر الذي سمّي وقتها بباب الحديد (وصف المبشّر الإيرلندي Porter السرايا بأنّها تقع مقابل باب الحديد). تواجد نصف ساحة السرايا فيما أصبح لاحقاً شارع النصر واضطرّ جمال باشا عندما شقّ ووسّع هذا الشارع أن يقتطع قسماً من المجمّع كان خالياً من المباني وقسماً من جامع عيسى باشا.  

على اليسار مستودعات ملحقة باالمشيريّة W.-D Lemke


احترقت السرايا عام ١٨٣١ خلال تمرّد على سليم باشا ورمّمت فقط دار الحريم فيها لتقتصر وظيفتها الجديدة على إيواء الحكومة بينما انتقل الوالي إلى بيت مخصّص لإقامته.

ظهر لقب المشير في النصف الثاني للقرن التاسع عشر (أقدم ذكر لهذا اللقب في ترجمة أحمد باشا الذي تولّى الشام عام  ١٨٥٩ وشهد عهده مجزرة ١٨٦٠) فأصبح اسم السرايا المشيريّة وبعدها غدت مقرّاً لأمير الحجّ (انفصلت إمارة الحجّ عن ولاية الشام عام ١٨٧١).

آخر تقمّص للسرايا العثمانيّة كان أيّام الانتداب الفرنسي عندما دعيت المندوبيّة او دار الانتداب واحتلّت دوائر النفوس قسماً منها في ١٩٢٩-١٩٣٠. احترق هذا المبنى العريق عام  ١٩٤٥ وبني على موقعه قصر العدل ١٩٤٩.

الخلاصة لدينا دار السعادة المملوكيّة داخل السور التي حلّت محلّها دار السعادة العثمانيّة خارجه وتحوّل اسم هذه الأخيرة لاحقاً إلى السرايا (يمكن أن نسمّيها السرايا الأولى أو القديمة لتمييزها عن السرايا الثانية أو قصر كنج يوسف باشا والسرايا الجديدة أو الثالثة التي لا تزال قائمة إلى اليوم) ثمّ المشيريّة ثمّ المندوبيّة قبل أن تصبح أثراً بعد عين.




Stefan WeberDamascus, Ottoman Modernity and Urban Transformation 1808-1918.
Proceedings of the Danish Institute in Damascus V 2009.

No comments:

Post a Comment