وصف الجنرال الفرنسي Andréa مسرح بصرى باختصار في كتابه "عصيان الدروز" الصادر عام ١٩٣٧ (حملة الجبل كانت عام ١٩٢٦) كما يلي: " قطره ٧٢ متراً تطوّقه نصف دائرة تشكّلها ستّة صفوف من المدرّجات. يبلغ عرض المشهد ٥٤ متراً وعمقه عشرة أمتار". فاجأني عدد الصفوف خصوصاً إذ من المعروف أنّ مسرح بصرى يحتوي على خمسةٍ وثلاثين صفّاً على الأقلّ إلى أن لفت الصديق العزيز الأستاذ وسيم الخاني انتباهي أنّ الشطر الأكبر من المسرح كان مردوماً بانتظار كشفه اعتباراً من منتصف القرن العشرين (١٩٤٧ - ١٩٧٠).
أندريا عسكري أوّلاً وأخيراً اقتصر وصفه على مشاهداته وليس من العدل محاسبته انطلاقاً من المعايير المتوقّعة من خبراء الآثار. بمزيد من البحث عثرت على ذكرٍ مفصّلٍ إلى درجة لا بأس بها للمسرح في الجزء الثاني من كتاب المبشّر الإيرلندي Porter "خمس سنوات في دمشق". عُرِفَ عن پورتر دقّةُ ملاحظَتِهِ وحِرصُهُ على التدوين والتوثيق والقياس. هذا ما كَتَبَهُ في صدد مسرح وقلعة بصرى عام ١٨٥٥:
ًصفحة ١٤٦
من الطبيعي أن يتساءل المرء فيما إذا بُنيَ المسرح ضمن القلعة أو بنيت القلعة حول المسرح. أميل إلى الاعتقاد أنّ بناءَ القلعة سابقٌ للمسرح.
صفحة ١٤٨ - ١٤٩
شكل المسرح نصف دائري يبلغ قُطْرُهُ ٩١ يارداً (٨٣ متر) ويحيطه ستّة صفوف من المقاعد. أكثر ما يلفت الانتباه في هذا المسرح سعةُ حلبَتِهِ الكبيرة مقارنةً مع ضآلة القسم المخصّص للجلوس ولربّما اقتصر استيعابه على ثلاثة آلاف مشاهد. لا أعتقد أنّ البناء الأصلي كان مكرّساً للاستعراضات المسرحيّة وإلّا لما تمّ التخطيط بهذه الطريقة. المسرح كان ضمن قلعةٍ وبالتالي اقتصر استعماله بالدرجة الأولى على حاميتها أمّا الحلبة فهي أكثر من كافية للعروض الرياضيّة وقتال المصارعين وغيرها من المنافسات والألعاب الرومانيّة.
ما كان للتناقض بين اتّساع الحلبة arena وقلّة عدد المقاعد أن يفوت رَجُلاً حادّ الذهن كالسيّد پورتر بيد أنّه استخلص منه نتيجةً خاطئةً بناها - كما فعلت أنا عندما قرأت كتاب الجنرال أندريا - على فكرة أنّ ما رآه هو المسرح الأصلي بالكامل ولم يراوده احتمال كون معظم الآبدة مدفوناً تحت الركام.
الصورة الملحقة من نهاية أربعينات القرن الماضي أثناء كشف المسرح والرسم عن پورتر.
للحديث بقيّة.
Josias Leslie Porter. Five Years in Damascus Volume II 1855
Édouard Andréa. La Révolte druze et l'insurrection de Damas, 1925-1926. Payot, Paris 106 Boulevard St. Germain, 1937.
No comments:
Post a Comment