Wednesday, November 8, 2023

دمشق وبغداد

 


عانت دمشق وبغداد على مرّ القرون من غوائل الزمن والكوارث المريعة والدمار الواسع الذي نجم عنها. لا تتناسب سمعة المدينتين في عالمنا اليوم مع مكانتهما المرموقة في تاريخ الحضارة والإسلام ولا شكّ أنّهما تستحقّان أكثر ممّا نالتا من التعريف والتقدير. كلاهما كان عاصمةً لعدّة خلفاء عدّة مرّات منذ أن ترك هؤلاء المدينة وحتّى الغزوات المغوليّة وكلاهما تغيّر مع الزمن ليأخذ هيئةً مختلفةً إلى درجةٍ لا بأس بها عن أيّام الأموييّن والعبّاسييّن التي شاركتا بمآثرها ومآسيها بكلّ جوارحهما. 


لا يزال في كليهما الكثير ممّا يذكّر بستّة قرون من المجد والبهاء (السابع إلى الثالث عشر للميلاد). صحيحٌ أنّ القسطنطينيّة (*) أزاحتهما عن مكان الصدارة في العهد العثماني ولكنّهما مع ذلك حافظتا على ثقافتهما القديمة الأبيّة وسط التغيّرات التي طرأت نتيجةً للتطوّر والتوسع العمراني. 


حاولنا في هذا المجلّد النحيل التركيز على الوضع الراهن لهاتين الحاضرتين دون إهمال تراثٍ طواه غبار الزمن وإن بقي حيّاً في جدرانهما ومبانيهما. نأمل بهذه الطريقة الحصول على تقييمٍ أفضل للقديم والحديث في هاتين العاصمتين العريقتين اللتين عاشتا أيّاماً من أعظم ما شهده تاريخ الحضارة وكما قال Renan: لو كان لي أن أختار أنّى ومتى أحيا لاخترت هذا المكان وذاك الزمان.






(*) القاهرة في العهد المملوكي قبل القسطنطينيّة في العهد العثماني كما نوّه Elisséeff








عاصمتان للخلفاء: دمشق وبغداد وأقاليمهما 

مراجعة إليسييف

المؤلّف







Jacques Ghislain de Maussion de Favières. Damascus, Baghdad: Capitals and lands of the caliphs. Translation to English by Edward J. Banks. Librairie orientale (Dar el-Mashreq), Beirut, Lebanon. 1972.

No comments:

Post a Comment