Thursday, November 9, 2023

الرباط الناصري ودار الحديث الناصريّة البرّانيّة

 


أدين بمنشور اليوم للصديق الكبير العالم الراحل الدكتور سمير البيح (أبو يامن) الذي كتب في مجموعة "دمشق بالأبيض والأسود" على الفيس أنّ هذه اللوحة الملوّنة من مطلع القرن التاسع عشر تمثّل الرباط الناصري ودار الحديث الناصريّة البرّانيّة.


تحديد المنظور سهل: من الشمال والغرب إلى الجنوب والشرق وتبدو دمشق وجامعها الأموي في خلفيّة الصورة. الآبدة في المقدّمة غائبة في كافّة الصور الفوتوغرافيّة المعروفة لهذه البقعة التي حضنت عدداً من العمائر بعضها لا يزال قائماً (الزاوية القواميّة والتربة العادليّة البرّانيّة) وبعضها هُدم ليحلّ محلّه بناء جديد (الجامع الأفرم). لا يشبه البناء في اللوحة الزاوية القواميّة ولا تربة كتبغا على الإطلاق ومن المستبعد أن يكون الجامع الأفرم (لا يوجد صور للجامع الدارس باستثناء ما التقطه الفنّان العالم خالد معاذ أثناء الهدم). يبقى لدينا - إذا طرحنا جانباً هذه الاحتمالات الثلاث - دار الحديث الناصريّة البرّانيّة والرباط الناصري المذكورين في القلائد الجوهريّة لابن طولون الصالحي (ص ٨٨ و ٩٤ من الجزء الأوّل).


النسبة لآخر ملوك بني أيّوب (وفيّات ١٢٦٠ للميلاد): السلطان الناصر يوسف بن العزيز محمّد ابن الظاهر عزّ الدين غازي بن صلاح الدين يوسف بن أيّوب بن شادي.   


فيما يلي ما كتبه إبن طولون عن التربة والرباط:


"ومنها دار الحديث الناصريّة وفيها رباط أيضاً بمحلّة الفواخير قبلي جامع الأفرم بسفح قاسيون ويقال لها الناصريّة البرّانيّة".


وأيضاً:


"وهذه الدار من أحاسن دمشق ولكنّها خربت لخراب محلّتها وهي مركّبة على نهر يزيد ينزل إليها في عدّة درج ولها عدّة شبابيك مطلّة على صحن بركته النهر المذكور وفي غربيه مدار للماء يمشي في ساقية إلى جرن على باب الدار المذكور وخلف هذا الجرن تربة وغربي هذه الدار الرباط المذكور وله باب إلى الزقاق بين ثلاثة شبابيك وأعلاه مئذنة وواجهة هذا الباب متّصلة بواجهة تلك الدار والجرن وجميعها من حجر أبيض وأصفر يعجز أبناء هذا العصر عن بناء مثله لإتقانه فإنّ الإبرة لا يمكن أن تدخل بين حجرين منها".   


علّق العلّامة دهمان أنّ الآبدة "درست ولم يبق من آثارها شيء وهي شرقي التربة العادليّة والأرجح أنّ ساقية الماء التي تقوم على قناطر عالية قبلي التربة العادليّة هي ساقية الناصريّة وأنّ المدار أعلاها هم المدار الذي أشار إليه المؤلّف ولا يزال البستان الذي كانت تقوم فيه هذه المدرسة يدعى بستان الناصريّة". 


إذاً الرباط ودار الحديث واقعان شرقي التربة العادليّة وقبلي جامع الأفرم على نهر يزيد ولا ريب أنّها كانت شديدة القرب من ساحة عدنان المالكي (دوحة الوليد سابقاً). أضاف الدكتور أبو يامن أنّ ما تبقّى من الآبدة هدم في ثلاثينات القرن العشرين واستعملت الحجارة لرصف ضفاف نهر يزيد. 


نشر تحقيق دهمان للقلائد الجوهريّة عام ١٩٤٩ ولا أرى ما يمنع من أن تظهر بقايا الرباط والدار قبله بأكثر من مائة سنة (اللوحة الثانية الملحقة بالأبيض والأسود للفنّان Desvergers من كتاب Arabie استعملها de Favières دون محاولة تحديد هويّة معالمها)



طيبّ الله ثرى أستاذنا الكبير محمّد أحمد دهمان والفقيد الغالي الدكتور أبو يامن وجميع من وثّق معالم دمشق من الأجانب وأهل البلاد قبل وبعد عهد التصوير الضوئي. 











عاصمتان للخلفاء: دمشق وبغداد وأقاليمهما 

مراجعة إليسييف

المؤلّف 

دمشق وبغداد







Jacques Ghislain de Maussion de Favières. Damascus, Baghdad: Capitals and lands of the caliphs. Translation to English by Edward J. Banks. Librairie orientale (Dar el-Mashreq), Beirut, Lebanon. 1972.


No comments:

Post a Comment