Saturday, July 25, 2020

الزاوية القواميّة


طالما مررت بجانب هذه التربة في طريقي من وإلى المدرسة قبل نصف قرن عندما اقتصرت معلوماتي عنها على كونها "قبراً للأولياء". 

لا تخلوا هذه المنطقة من حيّ المهاجرين من الأوابد العريقة اندثر بعضها (جامع الأفرم الذي هدم ليحلّ محلّه جامع بنفس التسمية) وبقي البعض الآخر (التربة العادليّة البرّانيّة أو تربة كتبغا التي تختفي أو تكاد في الحديقة خلف ضريح عدنان المالكي) بيد أنّ "نقاط العلّام" اقتصرت بالنسبة لي وقتها على الأبنية الحديثة وأهمّها تمثال عدنان المالكي الذي توسّط ولا يزال ساحة دوحة الوليد سايقاً -جنوب شرق القواميّة- ومشفى الحكمة الصغير مقابل الزاوية قيد الحديث إلى الشمال (أظنّ أنّ منزل رجل الأعمال السوري توفيق الحبوباتي كان أيضاً مواجهاً للتربة) ومنزل الرئيس الراحل حافظ الأسد غربها وعيادة طبيبة الأطفال نجاح كحّالة (قرينة الدكتور محمّد الشامي رحمه الله) في الشارع المتّجه إلى الشمال والغرب الذي يصل بين التربة وموقف باص "الشطّا" على شارع ناظم باشا.  لا شكّ أنّ الكثير من التغيّرات قد طرأت على هذا الجوار منذ ذلك العهد منها حلول السفارة الكويتيّة في البناء المواجه للزاوية من الشمال والشرق أو هكذا على الأقلّ تقول خريطة Google.


تنسب الزاوية القواميّة (نقلاً عن الأستاذ أحمد فائز الحمصي الذي نقل بدوره عن النصوص التاريخيّة) إلى الشيخ الزاهد أبو بكر بن قوام بن علي بن قوام البالسي. كان هذا الشيخ زاهداً عابداً قدوة وله زاوية وأتباع. ولد سنة ٥٨٤ للهجرة (١١٨٨-١١٨٩ للميلاد) وتوفّي في رجب ٦٥٨ (١٢٦٠ م) في منطقة حلب ثمّ نقل تابوته ودفن في سفح قاسيون في الصالحيّة في زاويته غربي الجامع الأفرم في أوّل سنة ٦٧٠ (١٢٧١) ولا يزال قبره ظاهراً يزار يشتهر حاليّاً باسم القواميّة. 

يضيف العلبي أنّ الشيخ المذكور كان من أصحاب الكرامات وأن من نقله للزاوية ابنه الشيخ عمر وبعد موت هذا الأخير خلفه ابنه الشيخ الصالح العامل محمّد الذي كان ممّن التقوا غازان ملك المغول عندما دخل دمشق عام  ٦٩٩ (١٢٩٩-١٣٠٠ م) وتوفّي ٧١٨ (١٣١٨-١٣١٩ م) ليدفن في زاوية جدّه وكان صديقاً للشيخ ابن تيميّة الذي حضر الصلاة عليه. 

آلت الزاوية إلى الضياع لاحقاً فجدّدها بعض الصالحين وبنى فيها إيواناً وشبّاكاً وبقي منها إلى اليوم القبور والقبّة.




أحمد فائز الحمصي
العظماء الذين دفنوا في دمشق أو ماتوا فيها. الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة المجلّد الخامس والثلاثون ١٩٨٥.  

أحمد حسن العلبي. خطط دمشق ١٩٨٩.



No comments:

Post a Comment