تبدأ أقنية بردى بالتفرّع عنه قبل خانق الربوة بين الهامة ودمّر كما نرى في الخريطة الأولى الملحقة. أوّل الأنهار الفرعيّة يزيد الذي يأخذ ١٨ قيراطاً (حصّة) من ٢٤ ثمّ المزّاوي الذي يستأثر بستّة قراريط. بعمليّة حسابيّة بسيطة يتبيّن لنا أنّ بردى تلاشى أو كاد أن يصل إلى الربوة بله أن يدخل المدينة ولكنّه كما نعرف يتابع جريانه عبرهما فكيف كان ذلك؟
ما يحدث بالفعل أنّ بردى يستعيد قسماً كبيراً من المياه التي "فقدها" بعدّة آليّات أولاها عودة المياه الزائدة عن حاجة القناة للنهر الأصلي ولهذا السبب حوفظ على ضفاف الأقنية منخفضة بما فيه الكفاية لتسمح بانسياب السائل الثمين إلى المهد الأدنى ارتفاعاً. الآليّة الثانية رشح المياه المستعملة لسقاية البساتين والثالثة تعتمد على إقامة حواجز في الأقنية لتوجيه الماء إلى حوض بردى. بهذه الطريقة يعيد يزيد والمزّاوي معظم المياه إلى بردى قبل الوصول إلى خانق الربوة أمّا الفروع الباقية فلا تبدأ وظيفتها بالسقاية إلّا بعد هذا الخانق وينطبق عليها نفس المبدأ ونفس الآليّات.
أنهار المدينة ثلاثة: تورا وبانياس والقنوات أمّا البقيّة فتروي مع تفرّعاتها الغوطة. علّ بانياس هو الأقدم كونه أقصر الأقنية وبالتالي أسهلها حفراً ولربّما كان تورا آراميّاً أمّا القنوات فأحدث ويعود للعهد الروماني. يروي تورا الأحياء الواقعة على ضفّة بردى الشماليّة (أي خارج السور) بينما يجتاز بانياس القلعة ثمّ الجامع الأموي فالقيمريّة ومنها إلى باب توما.
يتفرّع بانياس في السنجقدار إلى فرعين يأخذ الأوّل منهما أو ما يسمّى فرع الطوير ثلث المياه ويسنمرّ للعصرونيّة وسوق الحميديّة أمّا الفرع الثاني (ثلثيّ المياه) فيستمرّ للقلعة وينقسم بدوره فيها إلى قسمين الأوّل يتابع إلى الأموي والنوفرة وهلمّجرّا إلى باب توما والثاني وهو الأهمّ يتّجه للشاغور مارّاً بالحريقة ثمّ يخرج من المدينة حاملاً نفاياتها وآخذاً اسم النهر الأبيض أو نهر قليط.
القنوات أهمّ فروع دمشق يقع على بعد حوالي خمسمائة متر جنوب بردى موازياً لهذا الأخير ويزّود بالمياه أحياء المدينة الأكثر ارتفاعاً. يمرّ هذا النهر بالثكنة الحميديّة ثمّ الحلبوني ومحطّة الحجاز وحيّ "القنوات" والتعديل متّجهاً نحو باب الجابية والمدينة القديمة. يتشعّب عن القنوات فروع ثانويّة مخصّصة لأحياء دمشق الجنوبيّة من باب سريجة وقبر عاتكة إلى باب مصلّى والميدان.
صفوح خير. تطوّر توزيع المياه في مدينة دمشق. الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة المجلّد الخامس والثلاثون ١٩٨٥.
Gérard Degeorge. Damas. Répertoire Iconographique. L'Harmattan 2001.
Michel Écochard, Claude Le Coeur. Les bains de Damas. Beyrouth : Institut français de Damas, 1942-1943.
R. Thoumin. Notes sur l'aménagement et la distribution des eaux à Damas et dans sa Ghouta. Bulletin d'études orientales IV 1934.
Richard Thoumin, Géographie humaine de la Syrie Centrale. Tours, Arrault 1936.
No comments:
Post a Comment