Friday, July 3, 2020

تروية المدينة وتروية الغوطة


العدد الخامس والثلاثون من الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة مخصّص بكامله لمدينة دمشق ويحتوي على مجموعة من المقالات العربيّة والأجنبيّة تتناول عاصمة الأموييّن من عدّة أوجه. صدر هذا المجلّد النفيس عام ١٩٨٥ وتعيّن الانتظار حتّى عام ٢٠١٢ لرؤية مجلّة الدراسات الشرقيّة Bulletin d'études orientales العريقة تخصّص أحد أعدادها لعاصمة الأموييّن ونبقى أبداً بشوق للمزيد.  

عودة على مقال الدكتور صفوح خير عن تطوّر توزيع المياه في دمشق وكبداية سنحاول التفريق بين متطلّبات المدينة وحاجات الواحة وكلتاهما تعتمدان في نهاية المطاف على نفس المورد. 

مبدأ التوزيع واحد ويعتمد على النسبة أو ما يمكن تسميته نظام القراريط (جمع قيراط وهو يشكّل ١/٢٤ من الوحدة) حيث تحدّد كميّة الماء المخصّصة للبيت أو الحارة أو الجامع أو الحمّام أو البستان بعدد معيّن من القراريط وليس بعدد الأمتار المكعبة أو الليترات في الثانية والسبب بسيط: كمّيّة المياه تتفاوت من عام لآخر ومن فصل لآخر حسب الغيث. 



تقتضي تروية الغوطة توافر المياه العذبة التي تجرّ إلى ربوعها بأقنية مكشوفة من المواصي (جمع ماصية وهي فجوات على ضفاف بردى مختلفة السعة والشكل تفتح في أوقات معيّنة) . تختلف حاجة الحقول والبساتين للماء باختلاف أشجارها ومحاصيلها ولا تتطلّب جميع النباتات نفس كميّة المياه ويمكن حتّى إغلاق بعض الأقنية بشكل دوريّ دون الإضرار بالزرع والضرع ممّا سمح باستغلال الواحة إلى أقصى درجة ممكنة. 

بالمقابل تحتاج المدينة مياهاً نظيفةً صالحة للشرب والغسيل والاستحمام ويتعيّن أن تكون هذه المياه جارية على الدوام (أي لا مكان لنظام "مناوبات" هنا وإن تمّ اللجوء إليه مؤخّراً بسبب تزايد السكّان الذي استلزم تقنين و"قطع" المياه في فترات معيّنة عن بعض الأحياء)  وبالتالي لا بدّ أن تكون المجاري والقساطل مغلقة ولا بدّ من هدر كميّة معيّنة من المياه لتصريف القاذورات. يتمّ بالطبع استغلال هذه المياه "المهدورة" بعد خروجها من المدينة في سقي الغوطة. 

تحكم الأعراف والتقاليد موضوع محاصصة المياه في دمشق الكبرى وهذه العمليّة معقّدة للغاية لجأ الأهلون فيها إلى الفقهاء عندما دعت الحاجة. 

للحديث بقيّة. 




صفوح خير. تطوّر توزيع المياه في مدينة دمشق. الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة المجلّد الخامس والثلاثون ١٩٨٥.






Michel Écochard, Claude Le Coeur. Les bains de Damas. Beyrouth : Institut français de Damas, 1942-1943.

R. Thoumin. Notes sur l'aménagement et la distribution des eaux à Damas et dans sa Ghouta Bulletin d'études orientales IV 1934. 

Richard Thoumin, Géographie humaine de la Syrie Centrale. Tours, Arrault 1936. 


No comments:

Post a Comment