Sunday, July 12, 2020

حور الينابيع في دمشق


ليست الأعمدة الرومانيّة التي زرناها بصحبة الأستاذ نسيب صليبي ببعيدة عن حيّ طالع الفضّة والطالع بالضرورة مرتبط بالماء والسبل ولربّما أيضاً بمعابد أو أوابد مقدّسة مكرّسة إلى حوريّات الماء قديماً أو ما يسمّى باللّاتينية nymphaeum من nymph. 


إذا صحّ هذا الكلام فما الأعمدة الأربع المذكورة إلّا واجهة لمعبد من هذا النوع يعود إلى أواخر القرن الثاني أو مطلع القرن الثالث للميلاد. ذكر ابن عساكر (القرن الثاني عشر للميلاد) قناة الثلّاج عند باب دار البطّيخ ومن المعروف أنّ درب الثلّاج القديم تواجد أمام الكنيسة المريميّة حيث أظهرت الحفريّات عام  ١٩٤٥ آثار قنطرتين رومانيّتين على عمق أربعة أمتار تحت مستوى الشارع رفعت الجنوبيّة منهما (قوس التراتيل) بين ١٩٤٥- ١٩٥٠ وتعيّن على وصف الشماليّة (الأصغر) أن ينتظر إلى أن أجرت المديريّة العامّة للآثار والمتاحف أعمال التنقيب عام ١٩٦٦ ونشرت الحوليّات مقال صليبي عام  ١٩٨٥.


الكنيسة أو بالأحرى الكاتدرائيّة المريميّة (للروم الأورثوذوكس) الحاليّة حديثة نسبيّاً أعيد بناؤها من جديد بتمويل روسي بعد دمارها في مجزرة ١٨٦٠. لم تكن هذه النكبة الوحيدة خلال تاريخها الطويل إذ ذكر المؤرّخون أنّها استبيحت من قبل أوباش المدينة عام ١٢٦٠ بعد هزيمة المغول في عين جالوت وطردهم من الشام على يد المماليك. لا بدّ أنّ المريميّة الأصليّة تعود للعهد البيزنطي بدلالة بعض المنحوتات في صحنها الداخلي من جهة وابن عساكر وغيره ممّن ذكر قصّة بناء الجامع الأموي على يد الوليد وكيف سمح للمسيحييّن بالاحتفاظ ببعض الكنائس ومنها المريميّة لقاء تنازلهم عن حقوقهم بكاتدرائيّة يوحنّا من جهة ثانية. 


المسقط أعلاه لواجهة الأعمدة المكتشفة ويبدي مستوى الشارع الحالي ومستوى الشارع الروماني القديم مع قواعد الأعمدة والمدى الذي توصّل إليه السبر تحت هذه القواعد وأين وجدت الكسر الفخّاريّة الأثريّة وأين توقّفت. ستكون هذه الكسر مع بقيّة اللقى في الموقع موضوع المنشور المقبل. 





نسيب صليبي. تنقيبات حيّ الخراب في دمشق. الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة المجلّد الخامس والثلاثون ١٩٨٥.




No comments:

Post a Comment