نأتي اليوم إلى ما كتبه Kremer عام ١٨٥٤ (١) عن بقايا البوّابة الجنوبيّة للكنيسة الملكيّة البيزنطيّة -كاتدرائيّة القدّيس يوحنّا المعمدان - التي حلّ محلّها جامع بني أميّة الكبير.
يقع حرم الصلاة - أكبر قاعات الجامع - شمال سوق الصاغة وجنوب الصحن وعلى جداره القبلي نرى أحد أكثر آثار دمشق لفتاً للانتباه. أوّل من سمع ببقايا معبد بيزنطي على جدار الجامع الجنوبي هو خوري من الروم يدعى أنطون بولاد (٢) وبالنتيجة وصلتني هذه الإشاعة وعقدت العزم على تحرّي الأمر ونجحت بإقناع صائغ ممّن يملكون المفاتيح بمرافقتي إلى سطح سوق الصاغة وكم كانت دهشتي عندما رأيت (من موقعي على السطح) على الجدار الجنوبي للجامع تحت قبّة النسر بوّابة الكنيسة القديمة مع بابين أصغر على جانبيها. لا ريب أنّ هذه البوّابة كانت المدخل الرئيس إلى الكاتدرائيّة أمّا عن عرضها فقد بلغ عشراً ونصف من الأذرع الإنجليزيّة. يحمل ساكف البّوابة زخارفاً نباتيّةً جميلة بشكل الأكاليل. لربّما بلغ ارتفاع البوّابة خمسة عشر قدماً بيد أنّ تحديده بدقّة متعذّر لأنّ القسم السفلي منه غائر تحت الأرض ناهيك أنّه داخل في جدار أقدس ردهات الجامع. عاينت أعلى الباب النقش الكتابي التالي باليونانيّة الذي كان نصف مغطّى بالملاط قبل كشطه بعد جهدٍ جهيد. لا تزال الكتابة في حالةٍ جيّدة ومقرؤة بوضوح:
"ملكك أيّها المسيح ملك كلّ الدهور وسلطانك في كلّ دور فدور" (٣).
من المستغرب وجود نقش من هذا النوع - سليماً بالكامل - في أحد أقدس جوامع الإسلام بعد انصرام العديد من القرون.
الصورة الرائعة الملحقة بعدسة الصديق العزيز الأستاذ محمّد ربيع فاخوري مع خالص الشكر. النقش الكتابي مذكور في أكثر من مصدر ( Guérin وغيره).
(١) تعريبي لترجمة جوجل الإنجليزيّة للأصل الألماني.
(٢) الأب أنطون بولاد ١٧٩٤-١٨٧١ مؤرّخ وأديب من مواليد دمشق له الكثير من المؤلّفات واعتمد عليه Porter في القياسات التي استعملها في خارطته للجامع الأموي ومحيطه وفي الأرقام التي زوّدنا بها عن عدد المسيحييّن في دمشق في منتصف القرن التاسع عشر والتي اعتبرها - بفضل بولاد - أكثر مصداقيّة من الإحصاءات المتعلّقة بالمسلمين واليهود وقتها (مع الشكر للصديق الغالي الأستاذ الياس بولاد).
(٣) مقتبس عن المزمور ١٤٥ البيت أو الآية ١٣.
No comments:
Post a Comment