يعود الذكر الأقدم لمعبد المشتري في دمشق الرومانيّة حسب Dussaud إلى القرن الثاني للميلاد. يحسن قبل الدخول في تفاصيل المعبد وقصّة اكتشافه، أن نتعرّض باختصار إلى ذكره في كتابات المؤرّخين العرب والشرقييّن التي اختار المؤلّف الفرنسي منها مصدرين:
الأقدم "مسالك الممالك" للإصطخري (وفيّات ٩٥٢ - ٩٥٧ للميلاد) الذي كتب في سياق الحديث عن الجامع الأموي: "فمن بناه الصابئين وكان مصلّاهم ثمّ صار في أيدي اليونانييّن فكانوا يعظّمون فيه دينهم ثمّ صار لليهود وملوك من عبدة الأوثان فقتل في ذلك الزمان يحيى بن زكريّا عم ونصب رأسه على باب هذا المسجد بباب يسمّى باب جيرون ثمّ تغلّب عليه النصارى فصار في أيديهم كنيسةً يعظّمون فيها دينهم حتّى جاء الإسلام" إلى آخره (الرابط).
الذكر الثاني بعد أكثر من ثلاثة قرون في "نخبة الدهر في عجائب البرّ والبحر" لشمس الدين الأنصاري الدمشقي (شيخ الربوة وفيّات ١٣٢٧) كما يلي: "ومن الهياكل هيكل المشتري وهو مثلّث الشكل في أرض الهيكل وسمائه وأعلاه محدّد كتحديد زواياه مبني بالحجارة الخضر وهو مدهون الجدران دهاناً أخضر وستوره حريرٌ أخضر وفي وسطه مقعد فوق ثماني درج وعليه صنم من القزدير أو الحجر المنسوب إلى المشتري وله سدنة لا يزالون في تعبّد وتنسّك ويقال أنّ جامع دمشق في أوّل ابتدائه كان هيكلاً للمشتري من بناء جيرون بن سعد بن عاد ولم يزل كذلك حتّى جاء الله بموسى بن عمران فصار بيعةً لليهود إلى أن ظهر دين النصرانيّة فاتّخذوه كنيسةً حتّى جاء الله بالإسلام ...".
يعكس الإصطخري (القرن العاشر) وشيخ الربوة (آواخر القرن الثالث عشر أو مطلع الرابع عشر) الأساطير المتداولة في العالم الإسلامي آنذاك عن تاريخ الهيكل بعد مئات السنين من التطوّرات التي طرأت على المعبد الروماني لينتهي به الأمر جامعاً أمويّاً. الملفت للنظر هنا:
أوّلاً: اتّفاق المصدرين على أنّ الهيكل كان في عهدٍ ما يهوديّاً. من نافل الذكر أنّنا لا نملك اليوم أدنى دليل على صحّة هذا الزعم.
ثانياً: نسبة الهيكل للمشتري غائبة في المصدر الأقدم (الإصطخري) الذي أشار إلى اليهود والملوك "من عبدة الأوثان" فحسب وإن فهمنا ضمناً أنّه قصد الرومان وبالتالي الكلام عن معبدهم أي معبد المشتري.
René Dussaud. Le temple de Jupiter Damascénien et ses transformations aux époques chrétienne et musulmane. Syria 1922 (p. 219-250).
No comments:
Post a Comment