L'Aïn el-Fidjeh est regardée généralement comme étant la source du Barada. Édrisi affirme dans sa Géographie (traduction Jaubert, t. I, p. 350) que les eaux qui arrosent le Ghoutha (c'est-à-dire la plaine de Damas) viennent d'une source appelée El-Fidjeh, qui coule, dit-il, de dessous une montagne avec un bruit que l'on entend de fort loin. Aboulfeda prétend (Tabula Syriae édition Köhler, p. 15) que la source de la rivière de Damas (il désigne par là évidemment le Barada) est sous un temple nommé El-Fidjeh. Telle est aussi l'opinion actuelle des habitants de la contrée. Mais, comme plusieurs voyageurs l'ont observé avant moi, si l'Aïn el-Fidjeh est la source de beaucoup la plus considérable et la plus digne d'être visitée parmi celles qui alimentent le Barada, cette rivière en a d'autres, dans la partie supérieure de son cours, dont il sera question ultérieurement.
Victor Guérin
Agrégé et Docteur ès Lettres, Chargé de Missions en Orient
La Terre Sainte
Son Histoire
Ses Souvernirs-Ses Sites-Ses Monuments
Paris
Librairie Plon
E. Plon, Nourrit et Cie, Imprimeurs-Editeurs
أيكة تين قديمة على ضفاف بردى قرب عين الفيجة
لنا أن نعترض على آراء واستنتاجات العديد من مستشرقيّ القرن التاسع عشر الغربييّن ولنا أن نتّهمهم بالعنصريّة والانحياز والتعصّب الديني والمذهبي ولكنن لا مناص للقارىء الموضوعي من أن يسلّم بمواظبتهم واهتمامهم وسعة علمهم. سعى الرحّالة الأوروبييّن ومن ثمّ الأمريكييّن على دروب وعرة مشياً على الأقدام أو على ظهور الدوابّ في بلاد تختلف لغتها عن لغتهم وثقافتها عن ثقافتهم وأنفقوا من عمرهم سنيناً طويلة لا بل وخاطروا بحياتهم في سبيل دراسة ووصف وتدوين ونشر ما اعتبروه في غايّة الأهمّية للإنسانيّة عموماً. أخطأوا أم أصابوا فقد بذلوا قصارى جهدهم ويدهش المرء لسعة اطّلاعهم على المصادر التاريخيّة بما فيها الإسلامية كما سنرى في الأسطر اللاحقة للفرنسي Victor Guérin. لهم منّا الشكر والتقدير على عملهم وكدّهم بغضّ النظر عن غاياتهم وكما قال لي أبي طيّب الله ذكراه نقلاً عن الراحل أنطون سعادة: ليس فقط الأعمال بالنيّات وإنّما أيضاً النيّات بالأعمال" على مبدأ "من اجتهد فأخطأ فله أجر ومن اجتهد فأصاب فله أجران".
فلندخل بصلب الوضوع كما كتبه العالم الفرنسي:
"يعتبر عين الفيجة عموماً نبع نهر بردى ويؤكّد الإدريسي في كتاب "الجغرافيا" (ترجمة Jaubert الجزء الأوّل صفحة ٣٥٠) أنّ مياه الفيجة الذي ينبع من سفح جبل مع خرير يمكن سماعه بعيداً تروي سهل دمشق المدعو بالغوطة. من ناحيته يزعم أبو الفداء (اللوحات السوريّة طبعة Köhler صفحة ١٥) أنّ نهر دمشق (يقصد بردى) ينبع من معبد يدعى الفيجة. يشارك أهل البلد هذا الرأي حاليّاً ولكن الحقيقة التي لاحظها كثير من الرحّالة قبلي أنّ لبردى مصادر ثانية غرب هذا العين سنذكرها لاحقاً وإن كان الفيجة أهمّها بمراحل وأكثرها جدارة بالزيارة.
في كلّ الأحوال ليس من السهل العثور على مكان أثر روائيّة وفتنة من الموضع الذي نتواجد فيه في هذه اللحظة حيث يمكن للمرء أن يمضي ساعات طويلة بكل سرور مفكّراً ومتأمّلاً في أحلام لا نهاية لها في ظلال الأشجار المتنوّعة المنيعة على اختراق أشعّة الشمس. شهدت هذه المعابد الجيل تلو الجيل من بني البشر يمرّ عابراً أمامها كما يمرّ السيل مزمجراً عند أقدامهم ونتمتّع قرب أطلالها برؤية هذه الموجة المتجدّدة باستمرار منحدرة تنجبس وتفور كالماء في غليانه من حضن هذا الغار الغامض، ونسّر بالإصاخة إلى صوت النبع الهادر ليلاً نهاراً كما هو الحال في أنين البحر الطويل الكئيب."
No comments:
Post a Comment