Wednesday, March 4, 2020

تطوّر السكن الشامي‎


لم تكن جميع البيوت الشاميّة قصوراً في يوم من الأيّام ومع ذلك لا جدال أنّ الدار الدمشقيّة تغيّرت اعتباراً من أواخر القرن التاسع عشر لتصبح أكثر موائمة للعائلة العصريّة من ناحية الخصوصيّة والخدمات على حساب المساحة والبذخ في الزينة. 

الصور أعلاه مأخوذة من دليل دمشق عام ١٩٤٩ أمّا المعلومات التالية فهي تعريب بتصرّف عن دراسة Jean-Luc Arnaud (٢٠٠٦: المصدر أدناه).

تحتلّ الوحدات السكنيّة في مناطق المدينة العائدة للنصف الأوّل من القرن التاسع عشر وما سبقه مساحة ندر أن قلّت عن مائة متر مربّع وكثيراً ما تجاوزت ضعفيّ هذا الرقم. سمحت هذه الرقعة ببناء منزل مكوّن من عدّة غرف حول صحن مركزيّ فسيح وبالتالي عاشت عدّة أجيال في نفس البناء اللذي تشارك به الإخوة والنساء الغير متزوّجات والأرامل والمطلّقات وكانت الدار موزّعة بشكل يؤمّن لكل زوجين حجرة أو حجرتين. إذا أخذنا كمثال قصر العظم -وهو حالة استثنائيّة دون أدنى شكّ- فقد كان مسكوناً من قبل إثنين وسبعين من المتحدّرين من هذه العائلة مع خدمهم عندما اشترته سلطات الانتداب الفرنسي في مطلع عشرينات القرن الماضي.



مع دخول الحداثة أصبح الرجل أميل للاستقلال عن أهله بعد الزواج في بيوت وشقق انتقل إليها مع زوجه وأطفاله ولكن هناك مؤشّرات أنّ هذا الميل سابق لعهد الانتداب إذ نلاحظ أنّ البيوت في الأحياء التي استحدثت بعد ١٨٦٠ أصغر كثيراً من سابقاتها وكثير منها ما لا تزيد مساحته عن أربعين إلى ستّين متر مربّع وندر ما زادت رقعته عن المائة وهذه الأخيرة تعتبر -على اتّساعها النسبي- صغيرة مقارنة مع بيوتات منتصف القرن الثامن عشر.  تحتوي معظم بيوت الأحياء الجديدة على غرفتيّ معيشة ومطبخ ومنافع غالباً ما تكون متناهية في الضيق ممّا يحول دون استعمالها من قبل العائلات الكبيرة المكوّنة من عدّة أجيال. ليس من الواضح دوماً ما إذا كان الحجم الصغير لهذه البيوت يعود إلى النزعة الاستقلاليّة للعائلات النوويّة nuclear (أي المقتصرة على الأب والأمّ والأولاد بينما العاتلات الممتدّة extended families تشمل الجدّ والجدّة والأبناء والإخوة وأسرهم) أم لأسباب اقتصاديّة.







Arnaud, Jean-Luc. Damas: Urbanisme et architecture 1860-1925. Sindbad 2006

No comments:

Post a Comment