Tuesday, March 3, 2020

شارع بريطانيا


يسمّى اليوم رسميّاً شارع الجلاء ويعرفه الجميع كشارع أبو رمّانة والسؤال هنا عن خلفيّة التسمية الأصليّة خصوصاً وأنّ المناهج السوريّة كانت ولا زالت تندّد بالسياسات البريطانيّة عموماً وتصريح بلفور خصوصاً. 

لربّما كان الموضوع يتعلّق بدور بريطانيا في استقلال سوريا. يشير دليل دمشق ١٩٤٩ صراحة إلى هذا الدور (صفحة 12) حين يقول:

"في شهر أيّار ١٩٤٥ كشف الفرنسيّون مؤامرتهم على حريّة هذه البلاد وأخذت طائراتهم ومدافعهم تقصف دمشق وباقي المدن السوريّة قصف تدمير وإبادة حتّى تدخّل الجيش الإنكليزي فمنع هذا العدوان".

توخّى القيّمون على فكر السورييّن لاحقاً التعتيم على دور بريطانيا في كبح جماح فرنسا ولكنّه واقع لا ريب فيه وبالإمكان التحقّق منه بسهولة من عدّة مصادر في عدّة لغات. 

أعلن الجنرال Georges Catroux نيابة عن فرنسا الحرّة استقلال الجمهوريّة السوريّة في ٢٧ أيلول ١٩٤١ والتحدّي بالنسبة للفرنسييّن كان في تحديد شكل هذا الاستقلال بعد أن وضعت الحرب العالميّة الثانية أوزارها فقاموا بناءّ عليه بمحاولة لإقناع السورييّن بقبول معاهدة ثقافيّة واستراتيجيّة مع فرنسا تحفظ نفوذ هذه الأخيرة في الشرق الأدنى. لم يبد السوريّون أدنى رغبة في ارتباط من هذا النوع معتقدين -وبحقّ- أنّ الوضع الدولي وتوازن القوى الجديد يسمح لهم بأكثر ممّا وعدته معاهدة ١٩٣٦ التي أجهضتها سياسات باريس الداخليّة. عمّت الاحتجاجات المدن السوريّة واضطرّ الفرنسيّون للّجوء إلى العنف لقمعها وجرى ما جرى في التاسع والعشرين من أيّار عام ١٩٤٥ عندما قصف المجلس النيابي في دمشق. 

الأسطر التالية تعريب عن مذكّرات الجنرال Charles de Gaulle يصف فيها هذه الأيّام العصيبة:

أتى الجنرال Paget في نفس هذا اليوم الأوّل من حزيران إلى بيروت وأعطى إنذاراً مفصّلاً للجنرال Beynet. حمل الإنجليزي لقب "القائد الأعلى لمسرح الشرق" رغم عدم وجود عدوّ واحد يتعيّن مقاتلته في دائرة عشرة آلاف كيلومتر من هذا "المسرح". صرّح Paget أنّه تلقّى من حكومته الأمر بتسلّم القيادة في سوريا ولبنان وبصفته هذه دعى السلطات الفرنسيّة إلى تنفيذ الأوامر التي سيعطيها إليهم دون مناقشة وأوّل هذه الأوامر أن تتوقّف القوّات الفرنسيّة عن القتال وتلتزم ثكناتها. استعرض الجنرال Paget خلال هذه الزيارة جنوده بشكل استفزازيّ. 

نظّمت في الثاني من حزيران مؤتمراً صحفيّاً تقاطر إليه الإعلاميّون الفرنسيّون والأجانب كما لم يفعلوا في تاريخهم. قمت خلال هذا المؤتمر بشرح القضيّة لحلفائنا السابقين دون استعمال الشتائم وفي نفس الوقت دون مواربة. 

أخيراً قمت في الرابع من حزيران باستدعاء سفير بريطانيا العظمى وقلت له بعد أن دعوته للجلوس: "يتعيّن عليّ الإقرار أنّنا لسنا الآن في صدد شنّ الحرب عليكم ولكنّكم أهنتم فرنسا وخنتم الغرب وليس نسيان هذا بالأمر الممكن". نهض Duff Cooper وخرج. 

لم يكن شارل ديغول قولاً أو فعلاً بالرجل الذي يغفر أو ينسى وقدّر له أن يقف مع بلاده عقبة كأداء في وجه دخول المملكة المتّحدة إلى الاتّحاد الأوروبّي طوال تولّيه قيادة فرنسا. 

النصّ أعلاه مع خلفيّته في منشور مستقلّ بالفرنسيّة.








De Gaulle face aux agressions de l’empire anglo-saxon



1 comment:

  1. De Gaulle face aux agressions de l’empire anglo-saxon

    http://eurolibertes.com/histoire/de-gaulle-face-aux-agressions-de-lempire-anglo-saxon/

    ReplyDelete