Monday, March 9, 2020

مفوّضيّة الولايات المتّحدة الأمريكيّة‎


الصورة من "دليل دمشق" الصادر عام ١٩٤٩ والموقع شمال مدرسة الإخوة المريمييّن  (معهد قلب يسوع الأقدس) بين ساحة الروضة شرقاً وساحة عدنان المالكي غرباً.

شاب العلاقات الأمريكيّة-السوريّة مدّ وجزر خلال المائة عام الماضية ويمكن القول أنّ بداياتها كانت عموماً ودّيّة لعدّة عوامل منها بعد الشقّة والقيم الأمريكيّة المعلنة التي حدت الكثيرين إلى النظر للولايات المتّحدة كدولة خيّرة أو على الأقلّ حياديّة لا مصالح مباشرة لها في الشرق الأدنى. لم يكن النفط عاملاً في المنظور السوقي (الاستراتيجي) الأمريكي لدى نهاية الحرب العظمى (لاحقاً الحرب العالميّة الأولى) أمّا عن المشروع الصهيوني فكان وقتها تحت الرعاية المباشرة لبريطانيا العظمى ولم يكن للسورييّن علم بدور السياسات الداخليّة الأمريكيّة فيه منذ البداية ناهيك عن تبنّي الرئيس Woodrow Wilson  صاحب النقاط الأربع عشرة له (هزىء Clémenceau رئيس وزراء فرنسا بنقاط Wilson الداعية إلى حقّ الشعوب في تقرير مصيرها بالقول أنّ "الله له عشر وصايا فقط") .  

علّ تقرير الأمريكييّن King و Crane الصادر في الثامن والعشرين من آب ١٩١٩ أفضل ما يمثّل نبل وتجرّد السياسات الأمريكيّة في بلاد الشام وبالطبع لم يعجب هذا التقرير الجميع وكان مصيره الإهمال وحتّى الإدانة وعلى سبيل المثال وصف فؤاد عجمي في كتاب "قصر أحلام العرب" Crane  "أحد أرباب المال والصناعة في شيكاغو شخص غريب الأطوار ومعادي للساميّة". في كلّ الأحوال تعرّض جورج أنطونيوس بالتفصيل لهذا التقرير (النصّ الكامل في الرابط أدناه) وتوصياته بناءً على استطلاع رأي أهل البلاد في الشكل الذي يرونه ويرغبون فيه لمستقبلهم. 

توصّل King و Crane إلى عدّة نتائج أهمّها ما يلي:

أوّلاً: الغالبيّة العظمى من السورييّن تريد سوريا موحّدة بما فيها كيليكيا والبادية وفلسطين. 

ثانياً: معظم السورييّن يريدون الاستقلال الكامل. 

ثالثاً: أغلب السورييّن يرفضون المشروع الصهيوني.

رابعاً: السوريّون مستعدّون لقبول مساعدة الغرب ولكنّهم ضدّ الانتداب من ناحية المبدأ ويعتبرونه قناعاً للاستعمار. إذا كان لا بدّ من الانتداب فالأفضليّة للولايات المتّحدة ثمّ إنجلترا إذا رفضت أمريكا. الانتداب الفرنسي مرفوض في كلّ مكان ومن الجميع  عمليّاً باستثناء جبل لبنان والناطقين فيه باسم الموارنة. 

كان الاستعمار الأوروبي المباشر الهمّ الشاغل لكيانات الشرق الأدنى في فترة بين الحربين وحتّى إعلان دولة إسرائيل عام ١٩٤٨ وكانت الانتفاضة الأخيرة لهذا الاستعمار في أزمة السويس عام ١٩٥٦. النصف الثاني من القرن العشرين وحتّى اليوم عهد أمريكيّ بامتياز وإن استغرق إدراك أهل المنطقة للواقع الجديد بضع من عشرات السنوات. 









No comments:

Post a Comment