Tuesday, March 24, 2020

طبوغرافيا دمشق النوريّة


ندين للحافظ ابن عساكر (١١٠٥-١١٧٦ للميلاد) بأقدم سفر عن خطط (طبوغرافيا) دمشق لا يزال موجوداً إلى اليوم والفضل يعود للعالم الراحل الدكتور صلاح الدين المنجّد في تحقيقه ونشره عام ١٩٥٤ ليكون في متناول الهواة والأخصّائييّن على حدّ سواء. اعتمد المنجّد على مخطوطتين إحداهما في المكتبة الظاهريّة والثانية نسخة Cambridge وقام بسدّ الثغرات هنا وهناك بالمقارنة مع من نقل عن ابن عساكر (حرفيّاً في كثير من المواضع) كما في حالة ابن شدّاد (الأعلاق الخطيرة) وابن كثير (البداية والنهاية). استطاع المنجّد وضع خريطة مرجعيّة لدمشق كما كانت في القرن الثاني عشر الميلادي (عهد نور الدين خصوصاً) استناداً إلى معطيات ابن عساكر وتلاه العالم Nikita Elisséeff (١٩١٥-١٩٩٧) الذي ترجم عمل المنجّد إلى الفرنسيّة عام ١٩٥٩ وبذلك أصبحت هذه الدراسة التاريخيّة منذ ذلك الوقت مصدراً يستشهد فيه الباحثون المهتمّون في العالم أجمع.

من المفيد هنا الإشارة إلى أوّل من ألّف في خطط دمشق وهو سابق لابن عساكر بحوالي مائتيّ سنة. المعني هو القاضي الدمشقي أحمد ابن المعلّى (توفّي ٨٩٩-٩٠٠ للميلاد) ولم يصلنا عمله مع الأسف وإن نقل عنه ابن عساكر وابن جبير الأندلسي (زار هذا الأخير دمشق عام ١١٨٤). اعتمد ابن عساكر أيضاً على ما كتبه علي بن محمّد الربعي (توفّي ١٠٥٢-١٠٥٣) الذي كان رائداً في سرديّات فضائل الشام ودمشق. 

إذاً نقل ابن عساكر عن السلف بيد أنّ إنجازه تجاوز بكثير "النسخ واللصق". الرجل يعرف مدينته معرفة حميمة وقام بجولة ميدانيّة في أنحائها بداية من باب الجابية معدّداً ما شاهده بمنتهى المهنيّة والدقّة مع وصف مقتضب.

أبواب الكتاب الرئيسة هي الآتية (يمكن تحميل المجلّد بالكامل من الرابط الملحق):


- الجامع الأموي وقصّة بنائه في عهد الوليد.

- مساجد المدينة داخل السور (٢٤٢) وخارجه. 

- كنائس أهل الذمّة (خمسة عشر تشمل كنيسة يوحنّا التي أصبحت "الجامع المعمور" أي الأموي وكنيس يهودي والكنائس الخربة. 

- بعض الدور داخل سور المدينة.

- ما جاء في ذكر الأنهار والقني (السبل أو السبلان جمع سبيل) والحمّامات (منها حمّام  الشريف العقيقي أو الملك الظاهر اليوم وحمّام نور الدين في سوق القمح أو ما يدعى اليوم بالبزوريّة وحمّام سويد الذي بنيت كانه لاحقاً دار الحديث التنكزيّة التي تحوّلت بدورها للمدرسة الكامليّة في مطلع القرن الماضي). 

- مدائح دمشق.

- أبواب المدينة

- المقابر

زوّد المنجّد الكناب بمجموعة رائعة من الفهارس وأرفق أيضاً شرحاً لبعض المصطلحات لا غنى عنه لغير المحترفين فمثلاً عندما يصف ابن عساكر المسجد أنّه "سفل" فالمقصود أنّه على مستوى الأرض (بالمقابل هناك مساجد ينزل إليها بدرج وغيرها يصعد إليها بدرج أي "معلّقة").

أرفق ضمن الروابط الملحقة منشورات عن خطط دمشق المملوكيّة للمقارنة. 






No comments:

Post a Comment