دام العهد الفاطمي في دمشق قرناً ونيّف (٩٦٩-١٠٧٦ للميلاد) ولم يترك لنا من الآثار الملموسة الشيء الكثير ومن هنا الأهميّة الخاصّة لضريح فاطمة وبالذات شاهد قبر هذا الضريح وهو أقدم شواهد القبور الباقية في دمشق على الإطلاق.
أوّل من درس ووصف هذا الضريح العالمان الفرنسيّان Eustache de Lorey (مدير المعهد الفرنسي للآثار والفنون الإسلاميّة في عشرينات القرن الماضي) و Gaston Wiet في مقال نشرته مجلّة Syria عام ١٩٢١.
استطلع المستشرقان مقبرة الباب الصغير وأثار فضولهما بناء ذو قبّتين يفترض أن يكون مدفناً لأم كلثوم وابنة أختها سكينة بنت الحسين. تواجد قرب هذا البناء قبّة أصغر قيل أنّها مثوى فاطمة الصغرى أخت سكينة. عمّرت هذه القبور الثلاثة عوضاً عن مشيّدات أقدم منها دمّرها زلزال أمّا المتكفّل بالبناء فمهندس عمارة شيعي من أصول إيرانيّة يدعى سيّد سليم مرتضى حرص على هذه الذخائر الثمينة كحدقة عينه كمزار أمّه الشيعة من كلّ حدب وصوب.
ارتأى de Lorey و Wiet أنّ قبر أم كلثوم مستحدث لا قيمة له من الناحية التاريخيّة وبالتالي تركّز اهتمامهما على قبريّ سكينة وفاطمة. فلنبدأ بالأقدم منهما ألا وهو قبر فاطمة.
يخلط الكثيرون بين هذه السيّدة وبين فاطمة الصغرى ابنة الحسين بن علي بن أبي طالب (المفروض أنّها ماتت حوالي عام ٧٢٨ للميلاد) والسبب بسيط كون ساكف باب غرفة المدفن يشهد بذلك! ولكنّ الشاهدة تعطي دليلاً لا يقبل الدحض على أصلها الفاطمي كما سنرى.
تبلغ أبعاد الناووس الحجري ٢٣٩ x ٩٨ x ٨٥ عشير المتر ونعاين على وجوهه الجنوبيّة والشماليّة والشرقيّة آية الكرسي القرآنيّة منقوشة بالخطّ الكوفي الكبير أمّا على الوجه الغربي (الصغير) فنرى أربعة أسطر من الكتابة المتوسّطة القياس بالكوفيّة نصّها الآتي:
هذا قبر فاطمة ابنة أحمد
بن الحسين بن السبطي توفّيت
رضي الله عنها في رجب سنة
تسع وثلاثين وأربع مائة (*)
(*) الموافق كانون ثاني ١٠٤٨ للميلاد.
لا يوجد أثر لهذه السيّدة في السجلّات التاريخيّة المكتوبة وإن أمكن التخمين من نعت "السبطي" أنّها سليلة عائلة من الأشراف.
Gérard Degeorge. Syrie. Art, Histoire, Architecture. Hermann, éditeurs des sciences et des arts 1983
No comments:
Post a Comment