Sunday, March 1, 2020

حرب ١٩٤٨


لعبت هزيمة ١٩٤٨ دوراً لا بأس به في تغيير نظام الحكم في سوريا أوّلاً (انقلاب حسني الزعيم في آذار ١٩٤٩) وسقوط الملكيّة في مصر على يد مجموعة "الضبّاط الأحرار" في تمّوز/يوليو ١٩٥٢ ثانياً ولامت الحكومات اللاحقة "الرجعيّة" كأحد عوامل النكبة الأساسيّة. 

هذه الرواية ناقصة على أقلّ تقدير ويقابلها رواية الطرف الآخر التي لا تقلّ عنها في المبالغة والاستشهاد بأنصاف الحقائق ألا وهي خرافة الوليد الإسرائيلي المهيض الجناح في مواجهة بطوليّة يائسة قيّض له فيها النصر بما يشبه المعجزة على جحافل الجيوش الجرّارة لأعضاء الجامعة العربيّة المعزّزة بالبطل فوزي القاوقجي و"جيش الإنقاذ".

إذا سمحنا للحقائق بالكلام (عوضاً عن العواطف والبلاغة الخطابيّة) فهي تعطي صورة مغايرة إلى أبعد الحدود. خسارة العرب كانت محتومة لا ريب فيها إذا قبلنا أرقام قائد الجيش العربي الأردني السير John Bagot Glubb في كتاب "جندي مع العرب" الصادر عام  ١٩٥٧:

مقابل ٦٥٠٠٠ جندي إسرائيلي كانت "الجيوش العربيّة" كما يلي:

مصر ١٠٠٠٠
الجيش الأردني ٤٥٠٠
سوريا ٣٠٠٠
لبنان  ١٠٠٠
العراق ٣٠٠٠

أي أنّ القوّات العربيّة مجتمعة كانت ٢١٥٠٠ بالكاد ثلث نظيرتها الإسرائيليّة دون الدخول في تفاصيل  السلاح والعدّة والتدريب ومن باشر الحرب ومن اعتدى على من. أضف إلى ذلك دعم لا حدود له من جميع القوى الغربيّة والأوروبيّة العظمى عمليّاً قبل وأثناء وبعد إعلان دولة إسرائيل كما يلي:

- البريطانيوّن في تصريح بلفور.

الولايات المتّحدة الأمريكيّة في ممارسة الضغط على الأمم المتّحدة الفتيّة لتمرير قرار التقسيم في تشرين الثاني عام  ١٩٤٧ (كان هذا القرار بمثابة ضوء أخضر للإسرائيلييّن للإسراع بالسيطرة على المناطق التي خصّصها القرار لهم وإجلاء أكبر عدد ممكن من الفلسطينييّن عنها بينما اقتصر "هجوم" القوّات العربيّة لاحقاً على محاولة للاحتفاظ بالمناطق "العربيّة" ونجحوا بعد جهد جهيد في إنقاذ ما سمّي لاحقاً بالضفّة الغربيّة وقطاع غزّة ولو إلى حين). 

الاتحاد السوفييّتي كان مع الولايات المتّحدة من أوائل من اعترف بإسرائيل وقاتل الإسرائيليّون بسلاح تشيكي بعلم الروس إن لم يكن بموافقتهم. 

- فرنسا ساهمت في البرنامج النووي الإسرائيلي وزوّدت طيران إسرائيل بالميراج الذي دمّر الطائرات المصريّة والسوريّة في مطاراتها عام ١٩٦٧.

- ألمانيا دفعت مبالغ طائلة من المال لإسرائيل تعويضاً عن اضطهاد النازييّن لليهود. 

رغم كلّ هذا وذاك حارب العرب بجدّيّة ومصداقيّة عام ١٩٤٨ وتجاوزت خسائر إسرائيل (استناداً إلى مصادرهم) الستّة آلاف قتيل  وهو أعلى رقم تكبّدته الدولة العبريّة في أي حرب ضدّ جيرانها على الإطلاق وشكّل وقتها حوالي  ١٪ من عدد Yishuv أو يهود فلسطين وقتها. 

الصورة أعلاه من كتاب "دليل دمشق" الصادر عام ١٩٤٧ ويظهر فيها مكتب أخبار الجيش. يشابه العمار الأبنية حول ساحة المدفع وقرب شارع أبو رمّانة وعلّه أحدها. 







John Bagot Glubb. A Soldier with the Arabs. London, Hodder and Stoughton 1957.  

No comments:

Post a Comment