Wednesday, March 11, 2020

صيدنايا والقلمون


صورة دير صيدنايا مأخوذة من دليل دمشق عام ١٩٤٩ أمّا الصورة الثانية فهي لشاهينيان من دليل سياحيّ ثانٍ صدر في منصف السبعينات. معظم المعلومات التالية تعريب عن دراسة Thoumin لجغرافية سوريا المركزيّة عام ١٩٣٦ مع إضافة من كتاب Weulersse ١٩٤٦ عن قرويّي سوريا والشرق الأدنى (الرابط أدناه) وكلا العملين بالفرنسيّة.

بقي سكّان الهضاب أوفياء للعادات البيزنطيّة حتّى القرن الثامن عشر في الوقت الذي اعتنق فيه ثمانون بالمائة من سكّان حمص شمالاً ودمشق جنوباً وبعلبك غرباً الإسلام. لدينا حتّى اليوم (أي ثلاثينات القرن العشرين) نواة هامّة من المسيحييّن تقطن يبرود ولا تحتوي قرى معلولا وصيدنايا والمعرّة الكبيرة إلّا على بضعة عائلات مسلمة. 

تشغل قرية صيدنايا مكان حصن ويبلغ عدد سكّانها (منتصف الأربعينات) ٢٢٥٠ نسمة جميعهم من الروم الأورثوذوكس أو الكاثوليك. يقع الدير في ذروتها على ارتفاع يقارب ألفاً وخمسمائة متر ويعود لعهد جستينيان (القرن السادس الميلادي) وكان مقصداً للحجّ في زمن الصليبييّن تحت اسم سيّدة ساردينايا. 

هناك نقطة ثانية تستحقّ التنويه وهي احتفاظ سكّان معلولا إلى اليوم بلكنة سريانيّة أضف إلى ذلك أنّ أهل صيدنايا ينطقون العربيّة بلهجة تذكّر بالسريانيّة وهذا في وقت يتكلّم فيه جميع السورييّن العربيّة بغضّ النظر عن أصولهم. إذا تأمّلنا الخارطة لا نملك إلّا أن نربط بين هذه الدلائل اللغويّة وبين المنحدرات الفاصلة بين الهضبة الثانية والثالثة حيث تقع هذه التجمّعات اليشريّة. نلاحظ فوراً أنّ هذه التجمّعات أشبه ما تكون بالقرى-القلاع: معلولا مكان محصّن منذ العهد البيزنطي ويهيمن دير العذراء في صيدنايا على الجوار من ارتفاع ستّين متراً وهذا الحرز الأخير من المناعة إلى درجة أنّ أيّاً من العصابات لم تتجاسر على مهاجمته خلال عصيان ١٩٢٥-١٩٢٦ (الإشارة إلى الثورة السوريّة بالطبع ومحاولة البعض من الثوّار مهاجمة الأقليّات المسيحيّة حسب المصادر الفرنسيّة). 

استغرق امتداد النفوذ الإسلامي إلى المرتفعات قروناً رغم الدروب وخاناتها المملوكيّة والعثمانيّة من حمص إلى دمشق عبر قارة والنبك والقطيفة ومن القطيفة إلى القريتين عبر عطنة.  هناك دلائل على استمراريّة العادات المسيحيّة لدى الشعوب المتأسلمة تشهد عليها الحركات الغريبة للمرأة المسلمة عندما تقوم برسم الصليب على العجين قبل خبزه. 










Richard Thoumin. Géographie humaine de la Syrie centrale 1936.

jacques weulersse. paysans de syrie et du proche-orient







No comments:

Post a Comment