Saturday, September 19, 2020

مكتب عنبر: الخلفيّة التاريخيّة



عنون الأستاذ فريد حجا مقالاً مصوّراً بطول ٢٣ صفحة نشر في المجلّد الخامس والثلاثين للحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة كما يلي:


"مكتب عنبر : مدرسةً وبناءً ومركزاً للنضال ضدّ الاستعمار".


المؤلّف حلبي عروبيّ الاتّجاه كما نستشفّ من عنوان المقال والبحث يعالج تاريخ المكتب وخلفيّاته وعمارته وسياساته الإداريّة منها والطلّابيّة. يحسن قبل الدخول في صميم الموضوع أن نتعرّض سريعاً للعوامل التي ساهمت في ولادته في أواخر القرن التاسع عشر مع ذكر سريع لتطوّره.


ازدهر التعليم في بلاد الشام عموماً ودمشق خصوصاً قي العصر الأيّوبي بدلالة العدد الكبير من المدارس التي شيّدت في تلك الفترة بغضّ النظر عن الدوافع الدينيّة والسياسيّة لبناء هذه المدارس. شهدت هذه الطفرة تراجعاً تحت حكم المماليك وتسارع هذا التراجع في عهد العثمانييّن حتّى نهضة النصف الثاني للقرن التاسع عشر عندما استوعب الباب العالي مدى تقدّم الغرب على الشرق وأنّ الأمل الوحيد للتصدّي للتغلغل الأوروبي يكمن في التحديث العسكري والإداري والعلمي والقانوني. 


صدر بناءً عليه فرمان شاهاني عام ١٨٥٥-١٨٥٦ يتعلّق بالتنظيمات الخيريّة تلاه نظام المعارف العموميّة عام  ١٨٦٩ ومن ثمّ استحدثت في دمشق مدارس سمّيت بالمكاتب في أبنية المدارس والمساجد القديمة بعدد تسعة للذكور وأربعة للإناث  (خالد معاذ: دمشق دراسات أثريّة وتاريخيّة) أضيف إليها لاحقاً المكتب الرشدي في جامع يلبغا والإعداديّة العسكريّة في جامع تنكز ومكتب الصنائع في جامع (؟) البطّيخ والمكتب السلطاني في دار عنبر ودار المعلّمين (بدأ التدريس فيها عام ١٨٩٢) ومدرسة الطبّ (تعرّض لها الدكتور عبد الكريم رافق بالتفصيل في كتابه تاريخ الجامعة السوريّة). 


النسبة ليهودي من أثرياء دمشق يدعى يوسف أفندي عنبر. شرع عنبر بالبناء عام ١٨٦٧ (القساطلي صفحة ٩٧) ولكنّه اضطّر إلى التخلّي عنه للحكومة العثمانيّة بعد أن غرق في الديون وحوّلت هذه الأخيرة الدار الفسيحة إلى المكتب الإعدادي (تغيّرت التسمية إلى السلطاني فيما بعد وأخيراً التجهيز) الذي افتتح عام ١٣٠٥ للهجرة (١٨٨٧-١٨٨٨ للميلاد).  


طرأت تعديلات على التنظيمات الدراسيّة في المؤسّسات الحديثة (لتمييزها عن المدارس الدينيّة القديمة) في أواخر القرن التاسع عشر. بالنسبة لمدّة الدراسة تعيّن على التلميذ قضاء ثلاث سنوات في المدرسة الابتدائيّة ثمّ ثلاث سنوات في المدرسة الرشديّة وأخيراً خمس إلى سبع سنوات في المدرسة الإعداديّة. ألغيت المدارس أو المكاتب الرشديّة لاحقاً ودمجت بالمكاتب الابتدائيّة واستحدثت المكاتب السلطانيّة التي امتدّت الدراسة فيها على إثنتي عشر عاماً الخمس الأولى منها ابتدائيّة. 


بالنسبة لمكتب عنبر بالذات تطوّر عدد السنوات الدراسيّة فيه كما يلي:


 ١٨٨٧-١٩١٢ (عندما كان اسمه المكتب الإعدادي) سبع سنوات.

١٩١٢-١٩٢١ (المكتب السلطاني أو المدرسة السلطانيّة) اثنتا عشر سنة.

١٩٢١-١٩٣٩ (مكتب تجهيز عنبر)  ست سنوات حتّى عام  ١٩٢٩ عندما أدخل الفرنسيّون نظام بكالوريا أولى ثمّ بكالوريا ثانية أصبح بعدها سبع سنوات. بالطبع هذا بعد قضاء خمس سنوات في المدارس الابتدائيّة. 


للحديث بقيّة. 






فريد جحا. مكتب عنبر.  الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة المجلّد الخامس والثلاثون ١٩٨٥.



No comments:

Post a Comment