فلنتعرّض -قبل متابعة قصّة مسجد خالد ابن الوليد- إلى هذين الضريحين لخولة بنت الأزور وشرحبيل بن حسنة شمال شرق دمشق خارج باب توما إلى جوار تربة الشيخ رسلان.
حاصر العرب دمشق عام ٦٣٥ للميلاد عندما نزل خالد عند الباب الشرقي وأبو عبيدة لدى باب الجابية غرباً ويزيد بن أبي سفيان أمام الباب الصغير وباب كيسان جنوباً وعمرو ابن العاص في الشمال الشرقي خارج باب توما وأخيراً شرحبيل بن حسنة الذي تمركز إزاء باب الفراديس.
لا داعي إلى الدخول في تفاصيل فتح المدينة كما رواها البلاذري (توفّي ٨٩٢ للميلاد) وغيره وحسبنا هنا التذكير بالدور المنسوب لخولة بنت الأزور وأخيها ضرار وبطولاتهما الخارجة عن المألوف خلال هذه الملحمة. ينسب ضريح خارج الباب الشرقي إلى ضرار بينما يقع قبر خولة خارج باب توما إلى جانب ضريح شرحبيل كما في الصورة.
هناك أكثر من إشكال في هذه الرواية يمكن تلخيصها كما يلي:
* مآثر خولة وضرار مذكورة في الواقدي صاحب الفتوح والمغازي (توفّي ٨٢٣ للميلاد) بيد أنّ الأستاذ أحمد نوري إيبش يرى أنّ يد التحريف والتبهير طالت كتاباته الأصليّة وبالتالي لا يمكن التعويل على جميع ما ورد فيها. في كلّ الأحوال انصرم قرابة القرنين بين فتح دمشق ووفاة الواقدي (ما ينطبق على الواقدي ينطبق بالطبع على غيره وهناك غياب شبه كامل للمصادر المعاصرة للأحداث).
* تفيد بعض النصوص التاريخيّة كطبقات ابن سعد (توفّي ٨٤٥ م) ورواية ابن عساكر (توفّي ١١٧٦ م) أنّ ضرار قضى نحبه في حروب الردّة قبل ثلاث سنوات من فتح دمشق أمّا خولة فيرتأي إيبش أنّها "لا أكثر من شخصيّة وهميّة أسطوريّة فليس لها ذكر في الكتب الهامّة الباكرة".
* هناك أماكن بديلة مقترحة لرفات شرحبيل بن حسنة أحدها في لبنان والثاني في الأردنّ وهناك من يجعل وفاته في معركة اليرموك وآخرون في طاعون عمواس.
* نظرة سريعة إلى الضريحين أكثر من كافية للدلالة على حداثتهما. بالطبع هذا لا ينفي بالضرورة إمكانيّة قيامهما على أضرحة أقدم لخولة وشرحبيل لو تواجدت أدلّة جديرة بالثقة سواءً من النقوش الكتابيّة أو النصوص التاريخيّة.
أحمد نوري إيبش. مسجد خالد بن الوليد أوّل مسجد بدمشق منذ الفتح الإسلامي. الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة المجلّد الخامس والثلاثون ١٩٨٥.
No comments:
Post a Comment