إذا كان جامع بني أميّة الكبير أوّل جوامع دمشق فمسجد خالد هو أوّل مساجدها.
الموقع شمال شرق المدينة خارج باب توما لدى تربة الشيخ رسلان أمّا عن تاريخه فيعتقد أنّه -أو بالأحرى المسجد الأصلي- يعود إلى فتح دمشق عام ٦٣٥ للميلاد عندما حوّل خالد ديراً مهجوراً لليعاقبة كان يعرف بتسمية دير سمعان إلى مصلّى للمسلمين. نقل الأستاذ أحمد نوري إيبش هذه المعلومة عن مقال للأب أيّوب سميّا نشر في مجلّة الإيمان الدمشقي عام ١٩٥٨ ولكنّه لم يذكر المصدر الذي اعتمده سميّا ولم تتح لي الفرصة لقراءة ما كتبه العالم الراحل في هذا الخصوص مع الأسف.
أقدم من ذكر هذا الموقع من المستشرقين الأسقف والرحّالة الإنجليزي Richard Pocoke في كتابه "وصف الشرق". زار Pocoke الشرق الأدنى بين الأعوام ١٧٣٧-١٧٤٢ وذكر في الصفحة ١٢١ من سرده مسجداً في الزاوية الشماليّة الشرقيّة لسور المدينة كان قديماً "كنيسة القدّيس سمعان العمودي" وعلى ما قيل "معبداً للإله Serapis قبل ذلك". من الواضح أنّ المقصود مسجد الشيخ رسلان ولكن النسبة للقدّيس سمعان العمودي (توفّي في القرن الخامس للميلاد) مشكوك فيها.
نأتي إلى منتصف القرن التاسع عشر وتوثيق المبشّر الإيرلندي المدقّق Josias Leslie Porter في الصفحة ٥٥ من كتاب "خمس سنوات في دمشق" الصادر عام ١٨٥٥: "هناك بقايا بناء عليه كتابة كوفيّة قرب ضريح الشيخ رسلان واتّخذ خالد ابن الوليد "سيف الله" هذا المكان مقرّاً لقيادته عندما حاصر "الشرقيّون" Saracens المدينة".
طوى النسيان مسجد خالد بن الوليد في العهود اللاحقة على الأقلّ منذ بناء الجامع الأموي واختفى ذكره عمليّاً تحت العبّاسييّن والفاطمييّن ليعاود الظهور (؟!) في العهد السلجوقي أمّا عن المصادر االتاريخيّة فأوّل من كتب عنه كان الحافظ ابن عساكر إذ وصفه كما يلي:
"مسجد في مقبرة باب توما عند نهر المجدول قرب الصفوانيّة يعرف بمسجد خالد بن الوليد لأنّه صلّى فيه وقت الحصار وهو أوّل مسجد صلّي فيه في دمشق".
أدين بمعظم المعلومات في هذا المنشور لمقال الأستاذ أحمد نوري إيبش في المجلّد الخامس والثلاثين من الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة. نوّه المؤلّف أنّ البحث ألقي أصلاً في ندوة دمشق القديمة التي أقامتها نقابة المهندسين في ١٩-٢١ شباط ١٩٨٥ واعتبر هذه الدراسة أوّليّة سيجري توسيعها في المستقبل.
للحديث بقيّة.
أحمد نوري إيبش. مسجد خالد بن الوليد أوّل مسجد بدمشق منذ الفتح الإسلامي. الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة المجلّد الخامس والثلاثون ١٩٨٥.
Richard Pocoke. A Description of the East
No comments:
Post a Comment