Thursday, September 24, 2020

تطوّر السوق في دمشق

 


يتعرّض الدكتور ناصر الربّاط في مقال من ثلاثين صفحة نشر في عدد الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة الصادر عن العامين ١٩٨٨-١٩٨٩ إلى تطوّر السوق في دمشق من القرن السابع الميلادي وحتّى القرن التاسع عشر أي بعد الفتح الإسلامي. 


يتحدّى المؤلّف في هذا البحث الشيّق فرضيّتين للعمرانييّن المستشرقين أولاهما أنّ الأسواق في كافّة المدن الإسلاميّة (وتخطيط هذه المدن عموماً) تتبع نظاماً واحداً من خراسان إلى المغرب مروراً بالشرق الأدنى والثانية أنّه لا فرق من هذه الناحية بين المدن المندثرة والباقية إلى يومنا. اعتماداً على هاتين الفرضيّتين تتبع الأسواق "الإسلاميّة" القواعد التالية:


أوّلاً: يمتدّ محور السوق بين قطبيّ المدينة: الجامع من جهة ودار الإمارة أو القلعة من جهة ثانية.

ثانياً: تتوزّع الأسواق حول المركز في دوائر مشتركة تتناقص أهميّتها كلّما اتّجهنا نحو المحيط أي أنّ أسواق السلع الثمينة هي الأقرب إلى المركز بينما تتواجد المهن "الغير مرغوبة اجتماعيّاً" في أطراف المدينة. تعتمد هذه الخاصيّة على منطلق سليم وألا وهو تخصّص الأسواق (الحرير والحبوب والصاغة والسلاح وهلمّجرّا). 


تحفّظ الدكتور ربّاط على هذه الأطروحات واعتمد مقابلها مبدأ خصوصيّة المدينة -دمشق في هذه الحالة- ووجوب أخذ العوامل التاريخيّة والظروف المتغيّرة بعين الاعتبار ويمكن لنا أيضاً إضافة الخلفيّة الجغرافيّة والمعطيات الطبوغرافيّة. 


للتبسيط صنّف الكاتب تاريخ أسواق دمشق في العهد الإسلامي تحت خمسة أبواب أو حقب أخذها عن Jean Sauvaget و Nikita Elisséeff كما يلي:


- الفترة الأمويّة.

- الفترة المتوسّطة المضطربة (من سقوط الأموييّن وحتّى دخول نور الدين إلى المدينة في منتصف القرن الثاني عشر.

- فترة الانبعاث (العهدان النوري والأيّوبي).

- عهد المماليك.

- الفترة العثمانيّة منذ معركة مرج دابق وحتّى دخول ابراهيم باشا المصري في مطلع ثلاثينات القرن العشرين. 


الصورة الملحقة عن Sack تصوّر لدمشق في العهد البيزنطي ونرى فيها محور الشارع المستقيم الكبير أو decumanus maximus (طول  ١٥٠٠  متر وعرض خمسة وعشرين متراً ونصف المتر) والمحور الأصغر أو الطريق المقدّسة بين هيكل المشتري وساحة المدينة agora أو forum مع الأبواب الرومانيّة. بدأ المخطّط الشطرنجي في التآكل بداية من ذلك العهد .


للحديث بقيّة. 



ناصر الربّاط. تطوّر السوق في دمشق. الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة ١٩٨٨-١٩٨٩.

No comments:

Post a Comment