المؤلّف: فؤاد قدح دمشقيّ من مواليد ١٨٩٧ توفّي ١١ أيّار ١٩٦٤. تخرّج مع الدفعة الأولى من طلّاب المدرسة الطبيّة العربيّة عام ١٩١٩ (مع جزيل الشكر لصفحة المتحف الفوتوغرافي السوري على فيسبوك).
الكتاب: حقائق الوجود طبع بعد وفاة صاحبه بثلاث سنوات على ألف نسخة أوصى المؤلّف أن توزّع بالمجّان على الجامعات العربيّة والأجنبيّة.
عدد صفحات الكتاب ٦٧٦ ويقسم إلى ثلاثة أجزاء:
- العقل.
- المنطق.
- ما وراء الطبيعة.
الكتاب فلسفي يعالج عدداً كبيراً من المواضيع (الرياضيّات والفيزياء والكيمياء وعلوم النفس والتطوّر والاجتماع واللاهوت وكثير غيرها) ويناقش نظريّات واستنتاجات الكثير من عبقريّات التاريخ وعلى سبيل المثال أرسطو وكانط وداروين وأينشتاين وفرويد...
الهدف؟ الكاتب مؤمن والكتاب محاولة لبرهنة وجود الخالق بطريقة علميّة أقرب ما تكون إلى "الكلام" وهي مماثلة بشكل أو بآخر لما يسمّى المدرسيّة Scholasticism في المسيحيّة (أشهر أعلامها Saint Thomas Aquinas ولدينا مثال من الشرق الأدنى في شخص القدّيس يوحنّا الدمشقي). تتبنّى هذه الطريقة حجج وأساليب الفلسفة اليونانيّة لدحض آراء المشكّكين skeptics بما فيهم آباء هذه الفلسفة ومستنبطيها.
تختلف هذه الطريقة إذاً عن المقارعة باستعمال نصوص القرآن والسنّة (كما فعل الشيخ عبد الحميد الكشك في ردّه على نجيب محفوظ "كلمتنا في الردّ على أولاد حارتنا") اختلافاً جذريّاً حاول المؤلّف تعريفه في المقدّمة بالقول "البحث سيكون علميّاً مستوفياً جميع شروط الأبحاث العلميّة وسيكون بعيداً عن الأغراض والأهواء".
ليست مطالعة الكتاب وفهم موادّه بالأمر اليسير وللمقارنة من الأسهل استيعاب الفصول الفلسفيّة في قصّة الحضارة للأمريكي Will Durant بالإنجليزيّة. علّ السبب جهد هذا الأخير في تبسيط مادّته كي تكون بمتناول أكبر عدد ممكن من غير الأخصّائييّن وليس ذلك الحال في "حقائق الوجود". هنا يتعيّن التنبيه أنّ الدكتور Durant يقصّ ويشرح ولا يتبنّى بالضرورة رأياً ضدّ الآخر على عكس الدكتور قدح الذي لم يترك التباساً في موقفه ولم يتردّد في الحكم على الفلاسفة القدامى - أرسطو خصوصاً - بمعايير العلم والمعرفة في القرن العشرين ولا حتّى في توفير داروين (نظريّة التطوّر) وفرويد (في إعطائه مكاناً بالغ الأهميّة لغريزة الجنس في تحليل سلوك الإنسان) وغيرهم.
المؤمن لا يحتاج لبرهان ولا لتجربة ليقتنع بما يعتقده حقّاً وصدقاً وكتاب من هذا النوع موجّه للمشكّكين دفاعاً عن إيمانه ومعتقده أو ما يسمّى apologia. الكتاب كثيف المادّة عسير المراس ويمكن دون مبالغة وصفه "بالصعب الممتنع" اللهمّ إلّا من امتهن الفلسفة.
رحم الله العالم الفقيد.
No comments:
Post a Comment