Sunday, December 3, 2023

مباني الوليد المزعومة في دمشق

 


أنقل أدناه بعض الفقرات من الصفحات ٥٩ - ٦٣ من كتاب "المسكن البيزنطي" لمؤلّفه الفرنسي الجنرال de Beylié. صدر الكتاب عام ١٩٠٢ في عهد لا يعرف اللغة المنمّقة ولا اللباقة السياسيّة وبالتالي لا غرابةَ في لهجته الفوقيّة إن لم نقل العنصريّة. ما يلفت الانتباه هو الأخطاء التاريخيّة الفاضحة التي وقع فيها المؤلّف والتي تنمّ على أقلّ تقدير عن جهلٍ مطبق بالعمارة الشرقيّة وتطوّرها عبر التاريخ. أترك الكلمة للكاتب والحكم للقرّاء:


تتسلسل القباب (١فوق آبدتين عربيّتين غارقتين في القِدَم بإمكاننا أن نعزوهما إلى أيدي يونانيّة.  الكلام عن جامع بني أميّة الشهير والنزل المتهدّم (٢اللذين بنيا بأمر من الخليفة الوليد في القرن السابع


بناة التكيّة على الأرجح أقباط أمّا بناة الجامع الأموي فمن اليونان. الرسمان الملحقان عن Barsky الذي جاب المشرق في النصف الأوّل من القرن الثامن عشر.  



تتوّج قبابٌ صغيرةٌ أروقة البنائين (طراز بيزنطي سابق للفتح العربي) أمّا المآذن فمن الصعب الجزم فيما إذا كانت تعود إلى العصر الذي شُيّدَ البناء خِلالَهُ أم أنّها أضيفت لاحقاً. 


قد يظنّ البعض لأوّل وهلة أنّ الآبدتين تتبعان الطراز العربي بيد أنّ هذا الرأي لم يعد مقبولاً اليوم. كان العرب في القرن السابع، لدى خروجهم من الجزيرة، همجاً بكلّ معنى الكلمة دون أدنى نزعة فنّيّة وأعجز عن القيام بأي مأثرة تتجاوز القتال والعناية بمواشيهم. ما فعلوه بكل بساطة كان تحويل الكنائس المسيحيّة إلى جوامع حسب الحاجة أو الاعتماد على المعمارييّن في البلاد التي غزوها في بناء جوامع جديدة وفق النماذج العتيقة. بنى الأقباط - هواة السطوح المستوية - جميع جوامع مصر الشهيرة عمليّاً بأروقةٍ مدبّبة ogivaux (٣) ودون استعمال القبوات voûtes. بالمقابل حافظ البيزنطيّون في سوريّا على ولائهم للقبوة والأروقة المعقودة arcades وبنوا القصور والجوامع والمشافي والخانات حسب هذا الأسلوب الغالي على قلوبهم. 


استغرق تشكل الطراز العربي قرنين من الزمن ونتج عن انصهار هذين النمطين (٤) ونحن مقتنعون بعدم وجود مهندس معماري عربي واحد حتّى القرن التاسع للميلاد بل بالأحرى معمارييّن بيزنطييّن عملوا لحساب العرب. 


        




(١) لا يوجد قباب coupoles فوق أروقة الجامع الأموي (ليس المقصود قبّة dome النسر فوق مجاز الحرم المعترض) . اعتمد المؤلّف على رسم الروسي Barsky ولكن هذا الأخير معذور كونه كتب في القرن الثامن العشر في وقتٍ تعذّر فيه على غير المسلمين دخول الجامع. تكرار الخطأ في مطلع القرن العشرين وعهد التصوير الفوتوغرافي غير مقبول.  

(٢) التكيّة السليمانيّة كانت آيلةً للتداعي قبل ترميمها بمبادرة من جمال باشا إبّان الحرب العالميّة الأولى ولا داعي للتعليق على الادّعاء أنّ بانيها هو الوليد. جامع بني أميّة بني في مطلع القرن الثامن وليس السابع.  

(٣) الأروقة المدبّبة portiques ogivaux مقبيّة من ناحية المبدأ (على افتراض أنّ الكلام عن القبوة المتصالبة voûte d'arêtes). لا أعلم ما الذي قصده المؤلّف.  

(٤) القبطي والبيزنطي - اليوناني.









Illustrations: Basile Grigorovitch-Barsky. Pérégrinations 1723-1747. 


No comments:

Post a Comment