يبدأ الرحّالة وعضو الأكاديميّة الفرنسيّة الكونت de Volney وصفه لبلاد الشام التي زارها في ثمانينات القرن الثامن عشر بالتعريف يسوريا ويقول في هذا الصدد أنّها من الناحية الجغرافيّة محدودة بين خطّين يمتدّ الأوّل في الشمال من اسكندرون والبجر المتوسّط غرباً للفرات شرقاً والثاني في الجنوب من غزّة غرباً إلى البادية شرقاً. يسمّي سكّان البلاد هذه الأرض برّ الشام أي بلاد الشمال لتمييزها عن اليمن أو بلاد الجنوب ونقطة المرجع لكليهما هي الحجاز ومكّة.
لا يستعمل المحليّون تسمية سوريا Syrie الإغريقيّة الأصل وأمّا عن اشتقاقها فهو من آشور Assyrie واعتمد اليونان هذه التسمية بعد أن غزا حكّام نينوى بلاد الإيونييّن (آسيا الصغرى) حوالي عام ٧٥٠ قبل الميلاد وبالتالي كان المقصود بمصطلح سوريا وقتها مختلفاً عنه لاحقاً عندما امتدّت التسمية لتشمل فلسطين والساحل الفينيقي. لا يذكر هوميروس الذي كتب في بداية القرن الثامن قبل الميلاد سوريا ولكنّه يلقّب قاطنيها Erembos تحريفاً لكلمة آرام والآرامييّن.
ينتقل المؤلّف بعدها إلى وصف جغرافية البلاد بجبالها ووديانها وأنهارها وبحيراتها ويقسم سلسلة جبال لبنان الغربيّة إلى كسروان شمالاً وجبل الدروز جنوباً. براكين البلاد خامدة ولكنّها تعاني من الزلازل بين حين وآخر كالذي أصاب وادي بعلبك عام ١٧٥٩ فحصد فيه الألوف. لا تقتصر الكوارث الطبيعيّة على الهزّات الأرضيّة فهناك مثلاً أرجال الجراد ويضيف المؤلّف أنّ مواجهة التتار خير وأبقى من مواجهة هذه الدويبات المدمّرة.
تتفاوت خصوبة الأرض حسب المنطقة وتتنوّع الزراعة بناء عليه (التبغ في اللاذقيّة ودود القزّ في جبل الدروز والفستق في حلب إلخ) وكذلك يتفاوت المناخ حرارة ورطوبة. يسهب الكاتب في وصف الرياح والغيوم والأمطار والظواهر الجويّة عموماً كما يعطينا تفاصيل لا بأس بها عن حيوانات سوريا البريّة (ابن آوى والضبع وغيرها) وطيورها ونباتاتها.
للحديث بقيّة.
No comments:
Post a Comment