Monday, January 28, 2019

حضر الشام في القرن الثامن عشر: الموارنة


قتل الصليبيّون أعداداً كبيرة من العلوييّن-النصيرييّن في طريقهم من المعرّة باتّجاه لبنان وهناك ما يدعوا للاعتقاد أنّ علاقتهم مع الموارنة -وإن تأرجحت- كانت أكثر نعومة إذ اتّحد هؤلاء مع روما أي الكرسي البابوي عام ١٢١٥ للميلاد. هذه المعلومات ملخّصة من كتاب "رحلة في مصر وسوريا" للفرنسي de Volney وتعكس انطباعاته الشخصيّة وما اطّلع عليه من عدّة مصادر وعلى أرض الواقع في أواخر القرن الثامن عشر.

ينسب المذهب إلى مار مارون الذي عاش على ضفاف العاصي في نهايات القرن السادس وبعد موت هذا القدّيس أسّس أتباعه ضريحاّ وكنيسة في حماة ومن ثمّ ديراً ذاع صيته في سوريا. شهدت نهاية القرن السابع صعود نجم راهب من دير حماة يدعى يوحنّا الماروني تحالف مع البابا ضدّ امبراطور بيزنطة وجمع حوله اللاتين في لبنان. أصبح جبل لبنان ملاذاً للمردة وغيرهم وأمّا عن تسمية كسروان فهي من كسرو أحد أمرائهم. 

استولى المردة (أي العصاة وهناك خلاف إذا كانت تسميتا المردة والموارنة مترادفتين)  أو الجراجمة على لبنان (أي جبل لبنان) عام ٦٧٦ وتزايدت قوّتهم إلى درجة أنّهم أوقفوا زحف العرب المسلمين وأرغموا معاوية على طلب هدنة ثلاثين عاماً من بيزنطة ودفع الجزية للقسطنطينيّة (٦٧٨) وكان أحد دوافعه التفرّغ لقتال أتباع علي. جدّد عبد الملك المعاهدة بعد سبع سنوات مع جستينيان الثاني مطالباً إيّاه بتسليم الموارنة وغدر هذا الأخير بهم واغتال أحد أزلامه زعيمهم ليتركهم تحت رحمة المسلمين. دمّر البيزنطيّون بعد هذا دير حماة وذبحوا خمسمائة راهب فيه. توالت القرون واضطرّ الموارنة لشراء حسن نيّة صلاح الدين ونجح العثمانيّون في لجمهم فيما بعد وأجبروهم عام ١٥٨٨ على دفع الجزية. 

عن عاداتهم فهم مضيافون وإن كانوا أقلّ كرماً من العرب فهم لا ينقصونهم تمسّكاً بوجوب الأخذ بالثأر. الزواج بينهم كثيراً ما يتمّ دون أن يرى الرجل المرأة قبل عقد القران. شعائرهم سريانيّة ولكن قراءة الإنجيل بالعربيّة. يسمح لكهنتهم بالزواج شرط أن تكون الفتاة عذراء. يفخر المورانة بقراهم وكنائسهم ولا يسمحون لايّ مسلم أن يحيا بين ظهرانيهم وهم يستطيعون لبس العمامة الخضراء وهذا أمر يكلّف أي مسيحي حياته خارج حدود موطنهم. يعود الفضل في انتشار التعليم والقراءة والكتابة بينهم إلى وحدتهم مع روما ومنه تزايد أهميّة دورهم ككتبة ووكلاء لدى الأتراك وخصوصاً لدى حلفائهم وجيرانهم الدروز.

قدّر Volney عدد الموارنة بحوالي١١٥٠٠٠ منهم ٣٥٠٠٠ من القادرين على حمل السلاح. 

للحديث بقيّة. 




No comments:

Post a Comment