Thursday, January 31, 2019

شيعة الشام في القرن الثامن عشر


إذا أردنا توخّي الدقّة فالمقصود هنا شيعة ما بعرف اليوم باسم لبنان والذين أطلق عليهم وقتها لقب "المتاولة" المشتقّ ممّن تولّوا علي بن أبي طالب ومن المعروف أنّهم حاليّاً من أكثر طوائف لبنان عدداً وحسب بعض المصادر (مع أخذ غياب الإحصائيّات العلميّة عن الطوائف بعين الاعتبار) أكثر الطوائف اللبنانيّة عدداً على الإطلاق. 

كان الوضع مختلفاً عندما نشر الكونت de Volney كتابه "رحلة في مصر وسوريا" عام ١٧٨٧ إذ وصفهم "كشعب صغير" petit peuple يقطن سهل البقاع الواقع إلى الشرق من بلاد الدروز ويدعون أيضاً "العدليّة" من العدل. ذهب المؤلّف أبعد من ذلك فقال أنّه لا ذكر لهم (في الشام) قبل القرن الثامن عشر في الكتب أو الخرائط. معقلهم بعلبك وتتزعّمهم عائلة حرفوش وإن انتشروا في سائر أرجاء البلاد بعد عام ١٨٥٠ فعاثوا فيها فساداً وقطعوا الطرقات ووصلوا حتّى بشرّي وأراضي الموارنة شمالاً ونجحوا في الاستحواذ على صور جنوباً. 

هناك بعض الاختلافات عن السنّة في شعائر الوضوء وغيرها ويعتبر المتاولة التماس مع الغرباء نجساً ولا يأكلون أو يشربون من آنية استعملها من هم على غير ملّتهم ولا يقبلون حتّى بالجلوس على نفس الطاولة.

عن سياساتهم يذكر Volney تقلّب تحالفاتهم مع جيرانهم من الدروز وكيف كانوا بيدقاً في الصراع على السلطة بين علي بك الكبير وضاهر العمر من جهة وبين العثمانييّن من جهة ثانية وبالنتيجة نجح أحمد باشا الجزّار في قمعهم. يضيف الكاتب أنّه لم يبق منهم في نهاية المطاف أكثر من خمسمائة عائلة التجأت إلى جبال لبنان الشرقيّة والغربيّة بعد أن حرمت عليهم مساقط رؤوسهم ويخلص إلى نتيجة أنّ مصيرهم الفناء ولربّما طوى الستقبل حتّى اسمهم في غياهب النسيان. 






No comments:

Post a Comment