يبعد هذا الحمّام مسافة ثلاثين متراً إلى شمال قصر الحير الغربي وتحديداً البرج البيزنطي لهذا الأخير (سيأتي ذكره). يقارب شكل الحمّام المستطيل الذي يتراوح طول ضلعيه الشرقي والغربي بين ٢٠ و ٢٤ متراً بينما يبلغ طول الضلعين الشمالي والجنوبي ١٥ متراً ونيّف.
لم يتجاوز ارتفاع الجدران عندما قام Schlumberger بالتنقيب في الموقع مترين ونصف المتر والسبب استعمال مواد الأقسام العلويّة منها في بناء حصن مملوكي صغير fortin في الزاوية الشماليّة الغربيّة للقصر.
يمكن التعرّف على توزيع الحمّام من المخطّط الملحق وتصنيفه إلى قسم غير مزوّد بالتدفئة (الغرف من I إلى IV) وقسم يتمتّع بها (الغرف V إلى VII) والخدمات (VIII و IX).
يتمّ الدخول إلى الحمّام من طريق الزاوية الشماليّة الشرقيّة إلى فضاء صغير I غير مسقوف ومنه إلى صالة واسعة مستطيلة الشكل II هي المشلح أو البرّاني وتوافق ما يسمّى apodyterium في الحمّامات الرومانيّة وهو عادة أفخم حجرات الحمّام. الغرفة الثالثة III صغيرة ومربّعة الشكل وظيفتها انتقاليّة وعلى ضلعها الشرقي نطلّ على الغرفة (IV) وهذه الأخيرة مزوّدة بمحراب في جدارها الجنوبي ولربّما كانت مخصّصة للوضوء. تتواجد الغرفة V غرب الغرفة III مباشرة وهي أوّل الغرف المدفّئة كما رأينا.
الغرف V و VI تكافىء "الوسطاني" في الحمّامات الدمشقيّة التي درسها Ecochard و Le Coeur في أربعينات القرن الماضي. الغرفة VII ملاصقة لغرفة التسخين VIII أو chaufferie بفصلها عنها جدار من الطوب brique فليل السماكة ولا شكّ أنّها (أي غرفة VII) مكافئة لما يدعى caldarium في الحمّامات الرومانيّة أو étuve بلغة معاصرة وهي الغرفة العابقة بالبخار والأكثر حرارة أو "الجوّاني".
يجرّ الماء إلى الحمّام عن طريق أنبوب يدخل المبنى من واجهته الشرقيّة وهو فرع من قناة سدّ حربقة. الغرفة IX هي خزّان المياه.
نظام التدفئة معقّد ويعتمد على تمرير الهواء الساخن تحت الأرض hypocauste (اختفى هذا النوع من التدفئة المركزيّة في حمّامات دمشق الإسلاميّة لاحقاً) يضاف إليه تدفئة جانبيّة بتمرير الهواء الساخن بين الجدران. تقع الغرفة الصغيرة X تحت الأرض ووظيفتها الدخول إلى الفضاء تحت الحجرات أو hypocauste لتنظيفه بين الحين والآخر.
للحمّام الروماني thermes الكلاسيكي أربع مكوّنات: apodyterium (يقابل المشلح أو البرّاني في حمّامات العصور الوسطى والحديثة الإسلاميّة) و tepidarium (الغرفة الفاترة أو ما يعادل الوسطاني) و caldarium (الغرفة الحارّة أو الجوّاني ويمكن أن نضيف لها غرفة التعرّق sudatorium) وأخيراً frigidarium أو الغرفة الباردة. اختفت هذه الأخيرة مع العهد الإسلامي ويمكن اعتبار حمّام قصر الحير الغربي مرحلة انتقاليّة بين الحمّامات القديمة الكلاسيكيّة والحمّامات التي شاعت في مدن الشرق الأدنى عموماً ودمشق خصوصاً في العصور اللاحقة.
No comments:
Post a Comment