لدينا اليوم الكثير من الدراسات الرائدة عن تطوّر هذا الفنّ ومن العديد من المصادر وبأكثر من لغة. لا شكّ أنّ الأسبقيّة تعود للمستشرقين في محاولة رسم الخطوط العريضة لهذا الفنّ وخصوصاً الألماني Ernst Herzfeld (١٨٧٩-١٩٤٨) الذي حدّد لنا بعض المبادىء العامّة كما رآها في مطلع القرن العشرين نقلها عنه الفرنسي Daniel Schlumberger (١٩٠٤-١٩٧٢) في ثلاثينات القرن الماضي.
من ناحية عامّة الفنّ الإسلامي فنّ اقتباس adaptation أوّلاً ووضع عناصر متباينة جنباً إلى جنب juxtaposition ثانياً.
من جهة الاقتباس استعمل الفنّ الحديث الولادة الأشكال القديمة بطرق جديدة وعلى سبيل المثال يأخذ قصر الحير الغربي هيئة الحصن castellum ولكنّه في نهاية المطاف قصر لا وظيفة عسكريّة له. نرى هذا أيضاً في استعمال الجصّ عوضاً عن الحجر في النحت والرسوم الأرضيّة fresques التي تشبه الفسيفساء البيزنطيّة وتحلّ محلّها في غرفتين من القصر كما رأينا.
بالنسبة لتباين contrast العناصر المتجاورة juxtaposited فهذا يشمل الأشكال العماريّة والتقنيّة المستعملة والعناصر الزخرفيّة motifs.
من ناحية الزينة خصوصاً يتميّز الفنّ الإسلامي بمبدأين أو خاصّتين الأولى التنوّع variation والثانية التغطية الكاملة للسطوح وعدم ترك فراغ.
من السهل التحقّق من التنوّع في زخارف قصر الحير كما في سويريّات الواجهة الباذخة وعشرات من النوافذ الجصيّة التي يتعذّر العثور على نافذتين توأمين متطابقتين بتفاصيلهما بينها أو يكاد كما نرى في الصور الملحقة. أمّا عن مبدأ إشغال السطوح بالزخارف الغنيّة التي يبدوا للوهلة الأولى وكأنّها تتكرّر إلى ما لا نهاية فهو واضح لكلّ من تأمّل واجهة القصر المهيبة في متحف دمشق الوطني.
المزيد عن النوافذ الجصيّة وزخارفها غداً.
سليم عادل عبد الحقّ. إعادة تشييد جناح قصر الحير الغربي في متحف دمشق. الحوليّات الأثريّة السوريّة المجلّد الأوّل ١٩٥١.
No comments:
Post a Comment