Monday, May 18, 2020

تاريخ قصر الحير الغربي‎


يختلف البرج (الصورة أعلاه)  الواقع قرب الزاوية الشماليّة الغربيّة للقصر عن بقيّة الأنقاض بشكله وارتفاعه شاذّاً بذلك عن المخطّط المثالي للقصر (حدوده منقّطة في الرسم أدناه). يعتقد أنّ هذا البرج يعود للعهد البيزنطي.

بتفحصّ الصورة الجويّة للحمّام والقصر نرى دون عناء بقايا جدران بناء واسع بشكل شبه منحرف يشغل الزاوية الشماليّة الغربيّة للقصر جنوب البرج البيزنطي المذكور مباشرة. تضمّ هذه الجدران قسماً لا بأس به من الصحن المركزي ولا تحترم توزيع الغرف على الضلعين الغربي والشمالي ممّا يدلّ أنّ البناء -حصن صغير أو خان- أحدث عهداً أي في وقت كان القصر فيه مدفوناً تحت رمال البادية باستثناء البرج البيزنطي المرتفع الذي استعمل في المنشأة الجديدة.



تعود أقدم مكوّنات مجمّع قصر الحير إلى العهد الروماني كما هو الحال في بقيّة مواقع تدمر وملحقاتها. نجم عن الازدهار الاقتصادي والتجاري لعروس الصحراء رغبة في استثمار واستغلال واحة زراعيّة في المنطقة ومن هنا الموارد التي خصّصت لسدّ حربقة والأعمال المائيّة المتعلّقة. ارتبط رخاء منطقة قصر الحير إذاً برخاء تدمر.

ليس لدينا معطيات محدّدة عن الموقع في القرنين الرابع والخامس للميلاد ولكن هناك ما يشير لبناء دير في قصر الحير في القرن السادس وعهد الزعيم phylarque الغسّاني الحارث بن جبلة بدلالة بقايا البرج البيزنطي وساكف تفاصيله متوافرة في مقال Schlumberger (الروابط الملحقة).

نأتي إلى العهد الأموي عندما أعيد استعمال البحيرة الاصطناعيّة خلف سدّ حربقة والقناة التي تجرّ المياه منها للقصر وبني الحمّام وأستصلحت خزّانات المياه في مرحلة أولى. المرحلة الثانية كانت في عهد هشام وإليه يعود مزيد من الأعمال المائيّة وبناء الخان المستقلّ  والبستان وخصوصاً القصر وبهذا وصلت البادية الأمويّة إلى مرحلة الكمال أو كادت في هذا النموذج الذي شبّهه العالم الفرنسي بما يسمّى manoir في أوروبا.

تعود التسمية الحاليّة "الحير" إلى القرن الرابع عشر وعلّها تعني سياج أو تصوينة البستان أمّا عن التسمية في العهد الأموي فلا نعرفها ويعتقد Schlumberger أنّها "الزيتونة" التي ذكرها البلاذري (خالف عبد القادر ريحاوي هذا الرأي وقال أنّ الزيتونة هي قصر الحير الشرقي).

هجر القصر بعد سقوط الأمويّين واستعمله الفلّاحون لفترة معيّنة لم تطل. 

الحصن الصغير fortin في زاوية القصر الشماليّة الغربيّة حديث بدلالة نقش كتابيّ مفاده أنّ باب البرج البيزنطي بني في المحرّم ٥٨٣ (آذار-نيسان ١١٨٧)  ولا شكّ أنّ هذه الكتابة على باب البرج لاحقة لبنائه. ذكر العمري (النصف الأوّل للقرن الرابع عشر) الحير كمحطّة للإشارات يتمّ إرسالها بإيقاد نار في أعلى البرج في العهد المملوكي. يمكن استناداً إلى بقايا الخزف تقدير الفترة التي أعيد فيها سكن الموقع بحوالي مائة وخمسين عاماً.  


  




سليم عادل عبد الحقّ. إعادة تشييد جناح قصر الحير الغربي في متحف دمشق. الحوليّات الأثريّة السوريّة المجلّد الأوّل ١٩٥١.

عفيف بهنسي. القصور الشاميّة وزخارفها في عهد الأموييّن. الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة المجلّد الخامس والعشرون ١٩٧٥.

عبد القادر ريحاوي. إسهام في دراسة آثار قصر الحير الشرقي. الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة المجلّد السادس والعشرون ١٩٧٦.










No comments:

Post a Comment