"أضاف أحد الباشاوات في القرن السابع عشر زجاجاً معشّقاً بالجصّ وكسوة خزفيّة زيّن بها الضريح عرفاناً بجميل صلاح الدين في إنقاذ القدس من "دنس المشركين". قيمة هذه الكسوة من الناحيّة الفنيّة محدودة للغاية رغم بعض التفاصيل المثيرة للفضول وتتمثّل أهميّة الآبدة بالدرجة الأولى في الضريح الخشبي الذي نرى إلى جانبه النعش الشنيع المصنوع من الرخام الأبيض الذي وضع في مركز حجرة الدفن عام ١٩٠٣".
هكذا كتب Jean Sauvaget في مجلّة الفنون الآسيويّة ١٩٣٠ في مقال بطول ثمانية صفحات كرّسه للتابوت الخشبي الذي اعتبره -وبحقّ- بيت القصيد في بناء الضريح. فلنتعرّض الآن للقاشاني ذو القيمة الفنيّة "المحدودة للغاية" من منظور عفيف بهنسي والحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة ومع كامل الاحترام للمستشرق الفرنسي الكبير ليس من الضروري أن نوافق على جميع آرائه.
يمكن تصنيف ألواح القاشاني في هذه التربة كما يلي:
أوّلاً: لوحة مقوّسة كبيرة (الصورة الملحقة) وهي أكبر اللوحات المقوّسة في دمشق على الإطلاق إذ تبلغ أبعادها ٤٧٥ عشير المتر للقاعدة و ٢٣٨ للارتفاع وتتكوّن من بلاطات متنوّعة تحتوي على زخارف نباتيّة يعلوها لوحة كتابيّة نصف دائريّة أبعادها الكبرى ٢٣٠ x ١١٥ من عشيرات المتر ويحيط بها من الجانبين والأسفل أطر أربعة متتالية. الكتابة تركيّة بالأبجديّة العربيّة (كما كان الحال قبل "إصلاحات" أتاتورك) تؤرّخ العمل في عام ١٠٢٧ للهجرة (الموافق ١٦١٧-١٦١٨ للميلاد) وتحتها بيتان شعر بخطّ الثلث في مدح الرسول للبوصيري.
ثانياً: اللوح المستطيل أسفل اللوحة الكبيرة المقوّسة أعلاه وهو عبارة عن سجّادة خزفيّة أبعادها ٦٥ x ٨٠ من عشيرات المتر ومؤلّفة من بلاطات ذات زخارف هندسيّة يؤطّرها شريط من الأزهار المتكرّرة.
ثالثاً: ألواح العضادات وهي شاقوليّة عددها أربعة وارتفاعها ٣٥٦ من عشيرات المتر بينما يتراوح عرضها بين ٣٩ عشير المتر و ٥٦٥ معشاراً. زخارفها نباتيّة من الأزهار والعناقيد والأوراق.
رابعاً وأخيراً: ألواح المشكاة في الجدار الشمالي حيث نرى كوّة مفروشة ببلاطات متباينة الأشكال والأبعاد يبدوا أنّها انتزعت من أماكن مختلفة.
عفيف بهنسي. القاشاني الدمشقي. الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة المجلّد الخامس والثلاثون ١٩٨٥.
No comments:
Post a Comment