أدرج de Favières هذه اللوحة في كتابه مع ذكر خاطئ للمصدر ووصف مختصر لا يسمن ولا يغني عن جوع. الأسطر التالية تعريب مباشر لمقتطفات من الكتاب الذي أتت منه اللوحة والصادر عام ١٨٣٦ للرحّالة الإنجليزي Carne (الرابط أدناه) وأترك التعليقات إلى الحواشي:
العنوان: "صحن بيت تركي في الصالحيّة قرب دمشق".
هذا البيت مثال جيّد جدّاً على الدور الباذخة حول دمشق. القصر موجود وسط بستان يمكن دخوله من الطريق بواسطة بوّابة الحديقة إلى أن نصل إلى الصحن الذي تتوسّطه بحرة ويتصدّره إيوان كثيراً ما نراه في الباحات الداخليّة للبيوت الشرقيّة. تقع أجنحة البيت الخاصّة والعامّة مقابل الإيوان. يؤدّي درجٌ إلى الرواق المطلّ على البستان والمدينة وتلالها في الطابق العلوي. يتبع عقد الإيوان الطراز المغربي (١) أمّا عن العمارة فهي لطيفةٌ وبرودةُ الحجرات موائمة تماماً للمناخ. الإيوان في الصحن هو المجلس المفضّل لأهل الدار وملاذهم من القيظ أثناء النهار. الصعود إليه يتمّ عن طريق درجتين أو ثلاث درجات. أرض الإيوان مفروشة بالسجّاد وفيه مقعد (ديوان). الإيوان مفتوح للنور والنسيم ويوفّر ظلّاً من أشعّة الشمس ويشرف على البحرة.
شغل البيت سابقاً أحد أغنى تجّار الشرق (٢) أو بالأحرى نسائُهُ الأربع اللواتي عشن فيه وسط الترف والبحبوحة.
طالما تردّد طبيبٌ إنجليزيٌّ من معارفي على هاته السيّدات. الزوج من أكثر المسلمين تزمّتاً فيما يتعلّق بأسلوب التعامل مع نسائه ومع ذلك فقد سمح للطبيب المذكور بلقائهنّ وكان ذاك في البداية في حضورهِ أو حضور إبنه ولكن بالنتيجة استطاع الطبيب رؤيتهنّ دون شهود باستثناء أحد الخصيان. تمنّعت السيّدات عن الإسفار عن وجوههنّ كلّ التمنّع ولم يوافقن أن يجسّ الطبيب نبضهنّ أو أن يظهرن له لسانهنّ إلّا بعد أن أكّد لهنّ بما لا يحتمل الشكّ أنّه لا يستطيع مساعدتهنّ بأي شكل من الأشكال دون ذلك. لم تكن مفاتنهنّ - وهذا ينطبقُ على سائر مريضاته من النساء - مغريةً بما يكفي لسلب لبّهِ وحرمانه من حسن المحاكمة.
لا تستعمل النساء مشدّات ولا يبدو عليهنّ عندما يجلسن أو يخلعن ثيابهنّ الخارجيّة من الرشاقة أو تناغم الهيئة الشيء الكثير بيد أنّ سلوكهنّ وإيماءاتهنّ تنمّ عن قدرٍ لا بأس به من الأناقة والنعمة إذ يرفعنَ رؤوسهنّ أثناء المشي ويسرن بعزّةٍ ووقار. لا يتجاوز جمالهنّ في سنّ الشباب جمال الوردة البيضاء أو الحمراء وهنّ محروماتٌ من التطوّر الفكري والمشاعر وحسّ الخيال. إطراء Lamartine الاعتباطي للعذوبة الشرقيّة لا أساس له من الصحّة وعلّه استند إلى رؤية بعض العيون الجميلة وسماع بعض الأصوات الحلوة. نبرة السيّدات الشرقيّات عموماً لا تتميّز بالطلاوة إذ يتجلّى في أصواتهنّ الرتيبة المعدومة الجاذبيّة الخواء والتبلّد وغياب الإثارة وتنوّع الأحاسيس.
تحوّلت الدار مؤخّراً من مقرّ تاجر غني من بغداد ونسائه العديدات إلى مكان إقامة السيّد T التاجر وهو في نفس الوقت مراسل لدار الكتاب المقدّس يأتي الرحّالة المرهقون أحياناً للاسترخاء في حجراته أو لربّما على المقعد (الديوان) الذي تمدّدت عليه الحاجّات الأربع (٣) لدى عودتهنّ من مكّة. شغل القنصل العامّ السيّد Farren (٤) بيتاً مشابهاً أكبر مساحة يبعد مسافةً قصيرةً عن المنزل قيد الحديث.
(١) ليس من الواضح إذا قصد المؤلّف بتعبير Moorish مغربي أم شرقي - إسلامي عموماً.
(٢) اسم التاجر غير مذكور مع الأسف.
(٣) لا بدّ أنّ الإشارة لزوجات التاجر الأربع.
(٤) القنصل الإنجليزي في الشام John William Perry Farren الذي أقام في دمشق وعلّ بيته هو الذي ذكره Thomson عام ١٨٨٦.
John Carne. Syria, the Holy Land, Asia Minor, &c.
Damascus, a House at aṣ-Ṣāliḥīya
No comments:
Post a Comment