Monday, January 22, 2024

سوريّا الموحّدة العلمانيّة

 


يتلخّص فكر ندرة مطران السياسي والمفهوم الذي رسمه لوطنه بعد أن تضع الحرب العالميّة الأولى أوزارها باستقلال سوريّا الجغرافيّة عن الدولة العثمانيّة ووحدة بلاد الشام تحت الحماية الفرنسيّة. المؤلّف مسيحي من الروم الكاثوليك لا يخفي مخاوفه من التحدّيات المحتملة للكيان المقترح ومنها الهجرة اليهوديّة إلى فلسطين واحتمال استقلال لبنان (الجبل وليس لبنان الكبير الذي خلقته فرنسا فيما بعد) الذي يشكّل فيه الموارنة وزناً ديموغرافيّاً قد يدفعهم للمطالبة بدولةٍ مستقلّة (١). فيما يلي الإشكال كما طَرَحَهُ وكيفيّة مواجهته:


"ليست امتيازات بطريرك الموارنة السياسيّة مشرّعةً بأمر وزاري أو فرمان إذ رفضت البطركيّة إلى أمدٍ قريب أن تعترف بها الحكومة العثمانيّة رسميّاً. يتعيّن الإقرار رغم ذلك أنّ صلاحيات هذه البطركيّة واسعة وحقيقيّة. 


مهما تسامحت فرنسا (٢) فلن تتحمّل استمرار هذه الامتيازات تحت النظام الجديد كونها تعارض  على طول الخطّ وحدة العمل وسلطة حكومةٍ تحترم نفسها. قبول هذه الامتيازات تحت حكومةٍ يسود في بلادها التعصّب الديني والعِرْقي بكافّة ما يعنيه هذا من الظلم والتعسّف مفهوم ولكنّه مرفوضٌ تحت سلطةٍ تحترم جميع الأديان والأعراق وتعاملها على قدم المساواة وتُلْزِم جميع المواطنين بنفس الواجبات وتفتح أبواب الفُرِص من كلِّ نوع لكافّة الناس دون استثناء. لا تصلح امتيازات البطاركة السياسيّة المائعة الحدود للوضع الجديد ولا مكان لها في سوريّة الغد ولن تخسر الجاليات المسيحيّة شيئاً بزوالها بل على العكس سيسمح ذلك للبطاركة والكهنة بتكريس أنفسهم لاحتياجات رعيّتهم الروحيّة إذ يتوقّفون عن معالجة المسائل المدنيّة ويركّزون اهتمامهم على النواحي الدينيّة والربّانيّة. أضف إلى ذلك أنّ احترام الحكومة ورعايتها للأحبار سيزيد كلّما نقص تدخّلهم في شؤونها. 


الخير الأكبر من زوال الامتيازات السياسيّة للبطاركة هو التلاشي التدريجي للعصبيّة العشائريّة والمزاحمات الوطنيّة في بوتقةِ شعبٍ واحد هو الشعب السوري وأمّةٍ واحدة هي الأمّة السوريّة." 







(١)  رأينا أنّ الحلّ لهذه المعضلة حسب جورج سمنة يتمثّل بإقامة اتّحاد فدرالي بين كيانات طائفيّة.  

(٢) عندما تتولّى أمور سوريّا بعد الحرب طبعاً كما حصل بالفعل.









ندرة مطران 

رثاء ندرة مطران

سوريّة الغد







Nadra Muṭrān. La Syrie de demain


La Syrie et la Laïcité

No comments:

Post a Comment