Wednesday, January 17, 2024

ضحايا ١٨٦٠



لمّح ندرة مطران في أكثر من مناسبة في كتاب "سوريّا الغد" إلى ما اعتقده الدور السلبي لأحبار الموارنة في سياسات سوريّا وعلى سبيل المثال (صفحة ١٣٨ - ١٣٩) رفضهم فكرة توحيد البلاد تحت الوصاية الفرنسيّة إذ يعتبرون أنفسهم سادة لبنان الذي يشكّلون به أكثريّةً وبالتالي يفضّلون استقلاله عن سوريّا كي يحكموه ويتزعّمون أقليّاته عوضاً أن تحكمهم أكثريّة سوريّة أمّا عن فرنسا فموقفهم منها يتلخّص - حسب تحليل مطران على الأقلّ - بالقول المأثور "الله يسعدها ويبعدها". 


ذكّر مطران (ص ٣٧٤) القرّاء بالدور الذي لعبه الروم الكاثوليك في مساعدة الفرنسييّن إبّان حملة ناپوليون وأبدى  أسفه أنّ فرنسا فضّلت الموارنة على سائر المسيحييّن وأنّ الفرنسيّن عموماً يجهلون أو يتجاهلون سائر أصدقائهم وحلفائهم في المشرق. الأسطر الآتية (ص ١٢١ - ١٢٢) تعريب لما كتبه في صدد مذبحة ١٨٦٠ ودور الروم الكاثوليك فيها:


تفاقمت المجازر في دير القمر وحاصبيّا وراشيّا بمجرّد الانتهاء من زحلة. لم يتكبّد الموارنة أي خسائر تستحقّ الذكر باستثناء دير القمر التي كان نصف ضحاياها منهم ونصفهم الآخر من الملكييّن الكاثوليك ولم يملك الدروز ما يكفي من الوقت للبطش بالموارنة قبل وصول البعثة العسكريّة الفرنسيّة. مع ذلك تكرّست في أوروبّا عموماً وفرنسا خصوصاً أسطورةٌ مفادها أنّ ضحايا المأساة موارنة وعُرِفت الأحداث الدامية عام ١٨٦٠ تحت تسمية "مجزرة الموارنة". هناك أناسٌ محظوظون وآخرون لم يحالفهم الحظّ مع الأسف! شاء سوء طالع الملكييّن أنّ يتجاهل الناس تضحياتهم وأن تدير الشفقة ظهرَها لهم رغمّ أنّ قضيّتهم هي الأكثر عدالةً. قتلى دمشق كانوا ملكييّن أورثوذوكس أو كاثوليك حصراً، ضحايا زحلة روم كاثوليك ونفر من الأورثوذوكس أمّا في حاصبيّا وراشيّا فهم روم أورثوذوكس ونفر من الكاثوليك. هؤلاء هم الذين استحوذوا على عطف العالم أجمع وهم السبب الذي أدّى إلى تدخّل فرنسا وإلى دمائهم يدين لبنان بالامتيازات التي حصل عليها والحكم الذاتي الذي ناله. مع ذلك لا أحد يذكرهم ويتلخّص ذنبهم في أنّهم قضوا نحبهم بعد معركةٍ باسلة دون أن يبقَ من يتكلّم باسمهم وينوّه بمآثرهم. من يرفع عقيرته بالصياح ويعلو صوته على الآخرين هو الذي يستأثر بالاستحقاق على حساب غيره. آن الأوان إلى قول كلمة الحقّ كما تقتضي العدالة التاريخيّة وأن تُطْلَق على مأساة ١٨٦٠ في سوريّا تسمية "مجزرة المسيحييّن" (وليس "مجزرة الموارنة") وهذا أضعف الإيمان. كلّنا يقين أنّ الموارنة سيكونون أوّل من يقرّ بهذا الطلب العادل وإن جاء متأخّراً. 




يحسن هنا التذكير أنّ ندرة مطران من الروم الكاثوليك.




اللوحة الملحقة (١٨٦١) مائيّة للفنّان Arnold Meermann والكتابة "موارنة ودروز: قتل خوري ماروني والدروز والبدو يسبون النساء عام ١٨٦٠". 







ندرة مطران 

رثاء ندرة مطران

سوريّة الغد







Nadra Muṭrān. La Syrie de demain


Massacre des Chrétiens

No comments:

Post a Comment