نادى ندرة مطران وجورج سمنة باستقلال سوريّا عن الدولة العثمانيّة ضمن حدودها الجغرافيّة وألحّ كلاهما في طلب عون فرنسا وحمايتها إن لم نقل وصايتها. لربّما كان الفرق الأساسي بين الإثنين أنّ سمنة اعتبر الهاشمييّن تهديداً لمستقبل سوريّا بينما نظر مطران إلى الشريف حسين بن علي كحليف مُحْتَمَل في النضال ضدّ الباب العالي.
السبب في هذا الخلاف في وجهات النظر بسيط: رأى كتاب سمنة النور صيف عام ١٩٢٠ بعد أن وضعت الحرب العالميّة الأولى أوزارها وتبوّأ فيصل بن الحسين عرش سوريّا قبل أن يطيح به الجنرال غورو أمّا مطران فقد كتب عام ١٩١٦ (مات في نفس العام) قبل "الثورة العربيّة الكبرى" وتصريح بلفور وقبل نشر بنود اتّفاقيّة سايكس - پيكو. أربع سنوات حافلة بالأحداث التي غيّرت خارطة العالم - وليس فقط الشرق الأدنى - وشهدت انهيار الإمبراطوريّات العثمانيّة والروسيّة والألمانيّة والنمساويّة.
الأسطر التالية تعريب لما كتبه مطران عن الشيف حسين (صفحة ١٨٦ - ١٨٧) ويتجلّى من خلالها جهله المطبق لطموحات الهاشمييّن ومطالبهم في سوريّا كما صاغتها مراسلات الحسين - مكماهون:
"من العدل الإقرار أنّ الشريف حسين برهن في إدارته على حسّ سياسي مرهف وقدرة ملفتة للنظر على التنظيم. تشهد على ذلك حملاته المظفّرة ضدّ المتمرّدين، والاتّفاقيّات التي عقدها مع أعدائه من أمراء نجد، وسلوكه في الصراع الحالي (ما عُرِفَ لاحقاً بالحرب العالميّة الأولى) إذ حافظ على سلطته المعنويّة التي لا يستهان بها في موقفه عندما أعلن السلطان الجهاد دون أن يعطي للقسطنطينيّة أي مأخذ عليه. كلّ ذلك أدلّة على ذكائه وقوّة شخصيّته.
نحن على أتمّ القناعة أنّ حسين سيرحّب بمنتهى السرور بالبعثة العسكريّة المسلمة التي سيرسلها الحلفاء إلى جدّة لمساعدته على طرد شراذم القوّات التركيّة في الحجاز وإعلان استقلال هذا الإقليم. لا ريب أنّ هذا التحرير سيحظى بدعم جميع عرب الحجاز والبلدان المجاورة".
Nadra Muṭrān. La Syrie de demain
No comments:
Post a Comment