Tuesday, December 15, 2020

قصور دمشق اليهوديّة


قيّض لأقليّة من دور دمشق التاريخيّة من يرمّمها ويعيد بهائها الماضي ويسرد سيرتها بالتفصيل -كما هو الحال في بيت العقّاد- بينما أحيل عدد لا بأس به منها إلى فنادق ومطاعم في عمليّة gentrification (*) انتشرت انتشار النار في الهشيم اعتباراً من تسعينات القرن الماضي. هذا عن البيوت التي حالفها الحظّ أمّا البقيّة فكثير منها آيل للتداعي بله ما درس منها إلى غير عودة. 


ينتمي بيت فارحي إلى الفئة الأولى وندين في توثيقه إلى المساعي المشكورة للدكتورة Elizabeth Macaulay-Lewis التي أهدتنا بالاشتراك مع عدد من الباحثين مجلّداً فاخراً جمع بين منهج البحث العلمي الحديث بأسلوب حلو وسلس من جهة وبين المئات من الصور التاريخيّة منها والحديثة الملوّنة من جهة ثانية. ألحق سيرة المؤلّفة في الرابط أدناه. 


يركّز الكتاب على بيت فارحي ولكنّه يغطّي إضافة إلى ذلك بقيّة البيوت اليهوديّة الباذخة في دمشق القديمة ويقارنها مع بعض القصور الشاميّة وغير الشاميّة. لا مبالغة في القول أنّ هذا العمل هو الأكمل في المجال الذي يغطّيه حتّى اليوم وآمل أن تحظى بقيّة دور دمشق المسلمة منها والمسيحيّة بعناية مماثلة في مستقبل قريب مع التحفّظ أنّ الصور التاريخيّة للبيوت المسلمة بالذات قليلة باستثناء قصر العظم. 


هناك نقطة ثانية تستحقّ التوكيد: صور العمائر أكثر أمانة من صور الناس لإعطاءنا فكرة عن الحياة المنزليّة في الماضي ويعود السبب إلى اعتماد المصوّرين على نفس الأشخاص-الموديلات في صور عدّة بيوت أوّلاً وغياب النساء من صور البيوت الإسلاميّة ثانياً.     


سأقوم في الأسابيع القليلة المقبلة بجولة سريعة للتعريف على بيوت الشام اليهوديّة ووضعها في سياقها التاريخي والاجتماعي مع التركيز على بيت فارحي. 



(*) عرّبت الويكيبديا كلمة gentrification بمصطلح "الاستطباق" وهو العمليّة التي تتلخّص بتغيير طبيعة حيّ أو جوار معيّن عن طريق جذب المستثمرين من رجال الأعمال والمقيمين الأثرياء للحلول محلّ السكّان من ذوي الدخل المحدود. في حالة دمشق يتمثّل الاستطباق في محاولة لبعث الماضي عن طريق تجديد renovation (هنا الاهتمام تجاري بحت كما في تحويل البيت لفندق أو مطعم) أو ترميم restoration (أكثر مهنيّة وأقلّ مردوداً على المدى القصير وأولويّته الحفاظ قدر الإمكان على العناصر القديمة: العجمي والنحت على الحجارة وهلمّجرّا) البيوت القديمة. 





Elizabeth Macaulay-Lewis. Bayt Farhi and the Sphardic Palaces of Ottoman Damascus. American School of Oriental Research, 2018. 


Elizabeth Macaulay-Lewis



 

No comments:

Post a Comment