لا يمكن تغطية أكبر دور دمشق على الإطلاق ببضعة صفحات ناهيك عن بضعة أسطر. يستحقّ قصر العظم أسفاراً موجّهة للأخصّائييّن والمهتمّين من الهواة وكتيّبات لمن يرغب في معلومات سريعة ويتعيّن لمن يرغب في صيانة التراث الشامي أن يسهر على ترجمة مؤلّفات من هذا النوع إلى أكبر عدد ممكن من اللغات الحيّة. هنا لا مناص من التذكير أنّ الأجانب سبقونا بكثير في النشر عن أوابدنا مع الأسف.
أكتفي اليوم بمقدّمة سريعة وبعض الأرقام على أمل مزيد من التفاصيل قريباً. أدرج أيضاً بعض الروابط التي تبحث في جوانب معيّنة من تاريخ البيت.
تولّى أسعد باشا العظم دمشق بين ١٧٤٢ و ١٧٥٦ أمّا عن البيت فقد بني بسرعة صاروخيّة خلال عامين ١٧٤٩-١٧٥١ (قارن مع مشاريع أواخر القرن العشرين ومطلع القرن الحادي والعشرين في دمشق التي اقتصرت سرعة الإنجاز فيها على هدم آثارٍ لا تقدّر بثمن بينما يسير البناء البديل بخطى السلحفاة).
ذكر ابن بدير الحلّاق أنّ الوالي استعمل ثمانمائة إنسان في بناء قصره ممّا سبّب شحّاً مؤقّتاً في اليد العاملة في المدينة أضف إليها قطع مياه دمشق ريثما يتمّ تمديدها إلى داره.
بلغت مساحة القصر خمسة آلاف وخمسمائة متر مربّع وهكذا تربّع على عرش دور الشام اتّساعاً وبذخاً ليصبح نموذجاً استقى منه أثرياء دمشق في تخطيط وزخرفة دورهم.
بيوت الشام -حتّى الباذخة منها- متواضعة المظهر من الخارج ويشكّل مدخل قصر العظم الأبلقي استثناءً لهذه القاعدة ومنه يلج الزائر إلى صحن البرّاني (قسمه الشمالي ١٥ x ٢٠ متراً والجنوبي ١٥ x ٢٥ متراً) ومن البرّاني (السلاملك) إلى قاعة استقبال أو المضافة. يقع الإيوان في جنوب هذا الصحن كما نرى في المخطّط الملحق.
صحن الجوّاني أو الحرملك هو الأكبر في الدار (وعلى الأغلب في دمشق) إذ تصل أبعاده إلى ٥٦ x ٢٤ متراً وفيه بحرتان إحداهما مستطيلة والثانية دائريّة-مضلّعة بينهما حوض مستطيل للنباتات. يقع إيوان الجوّاني إلى الجنوب والشرق وهناك أكثر من قاعة: يتقدّم رواق القاعة الرئيسة الشماليّة ونرى القاعة الجنوبيّة بأقسامها (ثلاث طزرات) إلى الغرب من الإيوان.
لهذا القصر حمّام خاصّ ومن المعروف أنّ البيوت الشاميّة التاريخيّة التي تتمتّع بهذه الخاصّة نادرة حتّى إذا اقتصر الكلام على بيوت الأغنياء.
للحديث بقيّة.
متحف الفنون والتقاليد الشعبيّة
عندما هاجم الثوّار السوريّون قصر العظم
Elizabeth Macaulay-Lewis. Bayt Farhi and the Sphardic Palaces of Ottoman Damascus. American School of Oriental Research, 2018.
No comments:
Post a Comment