Monday, December 7, 2020

أطول سوق مقنطر في العالم

 



استعرت هذ التعبير من الدكتور Weber والسوق المعني الحميديّة ولكن يحسن قبل الدخول في الموضوع تعريف "السوق المقنطر" أو Shopping Arcade وهو حسب أكثر من مصدر كناية عن سوق كبير مسقوف تتوزّع الحوانيت على طرفيه ويستمدّ إنارته غالباً من الأعلى إمّا عن طريق نوافذ أو بأن يكون السقف زجاجيّاً شفّافاً. المقابل الحديث له اليوم ما يسمّى mall بالإنجليزيّة (انتشر من القارّة الأمريكيّة حول العالم) أو gallerie ( أو centre commercial) بالفرنسيّة. 

 

يخبرنا Weber كيف لعب آل مردم دوراً هامّاً في تصميم سوق الحميديّة بالتعاون مع البلديّة ومن الطبيعي أن يتوقّع المستثمر أرباحاً تتناسب مع المال الذي وظّفه في المباني التجاريّة لأهمّ وأفخم أسواق دمشق.


افتتح القسم الغربي من السوق (الذي عرف سابقاً بالسوق الجديد) عام  ١٨٩٤ بعد أن جرى توسيعه بموازاة سور القلعة الجنوبي ممّا استلزم ردم الخندق وهكذا أمكن تحصيص المقاسم التجاريّة بشكل منتظم لا نجده في الامتداد الشرقي للسوق. الخلاصة أنجز السوق الذي سمّي على اسم السلطان عبد الحميد قبل نهاية القرن العشرين بمبادرة من مواطنين دمشقييّن.


أثّر سوق الحميديّة على المدينة وتخطيطها إلى أبعد الحدود وشكّل نموذجاً لأسواق مماثلة. لربّما -الكلام دوماً عن Weber- كان الحميديّة أطول أسواق العالم المسقوفة arcade مع استهلال القرن العشرين إذ بلغ امتداده ٤٥٠ متراً. للمقارنة أطول أسواق إيطاليا المسقوفة وقتها كان Galleria Vittorio Emanuelle II في ميلانو الذي بلغ  ٣٠٢ متراً أمّا سوق أو "ممرّ" برادي Passage Brady في باريس فلم يتجاوز ٢١٦ متراً. أطول أسواق فرنسا المسقوفة Passage du Caire (أيضاً في باريس) بلغ ٣٧٠ متراً.  


إذا كان سوق الحميديّة أطول من أي سوق مغطّى في أوروبا قبل مائة وعشرين سنة فعلى الأغلب كان أطول سوق في العالم على اعتبار أنّ أوروبا كانت وقتها مركز العالم السياسي والاقتصادي والعلمي قبل أن ينتقل هذا المركز إلى ما وراء الأطلسي في أعقاب الحربين العالميّتين. مع ذلك هل كان أطول أسواق دمشق؟ 


كان سوق الحميديّة أطول ممّا هو الآن قبل هدم قسمه الغربي مع سوق الخجا لكشف سور القلعة من تلك الجهة عام ١٩٨٣ ولكنّني لست متأكّداً أنّه كان أطول من سوق مدحت باشا وأعني القسم المسقوف من الشارع المستقيم وإن كان هذا الأخير أقلّ بذخاً. 


في كلّ الأحوال لا جدال أنّ سوق الحميديّة عام ١٩٠٠ كان "فرجة" بكلّ معنى الكلمة بغضّ النظر عن احتلاله المركز الأوّل من عدمه ولا يزال إلى اليوم ينضح بالأصالة والعراقة ويتضوّع بعبق الشرق. 


الصورة عن مجموعة Lemke





سوق الحميديّة


دمشق العثمانيّة الحديثة


ساحة المرجة وانتقال مركز المدينة إلى الغرب


أسواق دمشق العثمانيّة الحديثة


حول سوق الحميديّة








  

No comments:

Post a Comment