Friday, December 4, 2020

ساحة المرجة وانتقال مركز المدينة إلى الغرب


كانت دمشق في منتصف القرن الثامن عشر عقدة للمواصلات من القسطنطينيّة شمالاً إلى مكّة جنوباً ومن الهند  والشرق الأقصى عبر بغداد شرقاً إلى القاهرة غرباً. لعب الحجّ وقتها دوراً كبيراً في إقتصاد دمشق حيث تراوح تقدير عدد الحجّاج سنوياً بين العشرين إلى الستّين ألفاً أي أمكن أن يتجاوز نصف عدد سكان المدينة. لموسم الحجّ والحال هذه أهميّة تجاريّة حيويّة علاوة عن مكانته الروحيّة والدينيّة.

غيّر تطوّر الملاحة وإعتماد النقل البحري للتجارة و السفر هذا الوضع تدريجياً خلال القرن اللاحق بداية من معاهدة كيتشوك كاينارجي Küçük Kaynarca عام ١٧٧٤ ونهاية بإفتتاح قناة السويس عام ١٨٦٩. وقّعت المعاهدة المذكورة بين الإمبراطورية العثمانيّة و روسيا بعد سلسلة من الهزائم التي ألحقها الروس بالعثمانييّن فرضوا عليهم بعدها ما عرف لاحقاً "بشروط المسكوب". كان من بنود هذه المعاهدة فتح البحر الأسود ومضائق الدردنيل والبوسفور للملاحة الروسية و بالنتيجة للملاحة الدولية. أدّى هذا مع مرور الزمن إلى تجاوز دمشق والطرق البرية التي تمر عبرها واعتماد الطرق البحرية الأسرع والأرخص. بلغ تهميش دمشق كطريق إلى مكّة ذروته في أعقاب شق قناة السويس ومع نهاية سبعينات القرن التاسع عشر تضائل عدد الحجّاج المنطلقين من المدينة إلى ما تراوح بين الألف والألفين وشتّان بين هذه الأرقام والحشود التي تقاطرت إلى الشام من كلّ حدب وصوب قبل مائة عام.

تأقلمت دمشق مع الوضع الجديد شيئاً فشيئاً اعتباراً من منتصف القرن التاسع عشر عبر شق الطرق والسكك الحديديّة بداية من طريق العربات بين دمشق وبيروت عام ١٨٦٣ ومن ثمّ سكّة حديد دمشق-بيروت عام ١٨٩٥. تزامن هذا مع تصاعد أهمية بيروت التجارية وزيادة عدد سكّانها كميناء دمشق على المتوسّط وأوروبا بينما بقيت الشام آخر محطّة لمنتجات أوروبا قبل البادية. كلّ هذا لا يعني زوال أهمية الحجّ على الأقلّ كرمز ديني ومصدر شرعيّة للباب العالي (بدلالة الخطّّ الحديدي الحجازي) ولكنّه عنى تحوّلاً في غاية الأهميّة لتوجّه المدينة من الجنوب (أي نحو مكة) إلى الغرب (باتّجاه بيروت) كما تشهد المباني الجديدة غرب السور الحكوميّة منها والإداريّة ناهيك عن الفنادق والمنتزهات  وغيرها.


أدّت هذه التحوّلات إلى تمركز المدينة الجديدة حول ساحة المرجة ويمكن الرجوع للراوبط الملحقة لمزيد من المعلومات. الخارطة أعلاه عن Weber. 



ساحة المرجة






Jean-Luc Arnaud. Damas Urbanisme et Architecture 1860-1925. Sindbad 2006. 

Dorothée SackDamaskus. Entwicklung und Struktur einer orientalisch-islamischen Stadt. von Zabern, Mainz 1989.


Stefan Weber. Ottoman Modernity and Urban Transformation 1808-1918. Proceedings of the Danish Institute in Damascus V 2009. 



No comments:

Post a Comment