نشر الأستاذ نسيب صليبي مقالاً موجزاً في المجلّد الثاني والثلاثين للحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة (١٩٨٢) بعنوان "أسبار البرج الجنوبي الشرقي لسور دمشق" عرّفنا فيه على قصّة اكتشاف هذا البرج وزوّدنا بمخطّطات فنيّة مع بعض الصور. للمزيد من المعلومات يمكن الرجوع للدراسة المفصّلة عن أبواب وسور دمشق التي أصدرها المعهد الفرنسي للشرق الأدنى عام ٢٠١٨ وهي للأساتذة Mouton و Guilhot و Piaton.
كانت البداية بمحض الصدفة عندما اكتشفت أحجار كبيرة (الصورة الأولى) عند الزاوية الجنوبيّة الشرقيّة لسور دمشق على بعد ٩٠ متر جنوب الباب الشرقي و ٣٣٠ متر شرق ياب كيسان (المخطّط الأوّل) خلال أعمال تحت إشراف أمانة العاصمة. أدرك المعنيّون أهميّة ما صادفوه وبناءً عليه تولّت المديريّة العامّة للآثار والمتاحف مهمّة الإشراف على التنقيب الذي بدأ في أواخر حزيران ١٩٦٧ وأسفر عن مداميك ضخمة من الحجر المنحوت تشكّل قاعدة مستطيلة لبرج كبير بلغ طول واجهته ٢١ متراً أمّا عرض البرج فحوالي التسعة أمتار (المخطّط الثاني).
يقع البرج خارج السور ويبعد عنه قرابة الأربعة أمتار مهيمناً على البدنة (courtine وهي الجزء من السور بين برجين) إلى شماله وغربه ممّا عزّز وسهّل عمليّة الدفاع إذ بإمكان الناظر منه تأمّل الفضاء بينه وبين برج باب كيسان دون عائق.
فصل بين هذا البرج وبين الباب الشرقي برج صغير أزيل بكامله (الصورة الثانية) وعلّه أحدث عهداً.
قلّت أهميّة سور المدينة في العهد العثماني مع تطوّر التقنيّة العسكريّة وتقدّم التعبويّة (التكتيك) ونقض ابراهيم باشا في ثلاثينات القرن التاسع عشر قسماً لا بأس به من مكوّناته لاستعمالها في منشآت رآها أكثر جدارة. استمرّت عمليّة الهدم بعد رحيله ردحاً من الزمن.
للحديث بقيّة.
نسيب صليبي. أسبار البرج الجنوبي الشرقي لسور دمشق. الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة المجلّد الثاني والثلاثون (١٩٨٢).