تواجدت هذه التربة غرب الزاوية القواميّة على بعد بضعة أمتار من هذه الأخيرة. أنا ابن المهاجرين وأعرف المنطقة جيّداً ولكنّي لا أذكر هذه التربة التي لا بدّ وأنّها هدمت مع نهاية عقد الخمسينات في القرن الماضي وإن أمكن الجزم أنّها كانت لا تزال قائمةً لدى إعلان الإصدار الشعبي الثاني ليانصيب معرض دمشق الدولي (١٩٥٦) بدلالة صورتها على بطاقاته (مع جزيل الشكر لمجموعة دمشق بالأبيض والأسود وأعضائها الكرام).
ترك لنا الألمانيّان Wulzinger & Watzinger وصفاً لهذه التربة عرّبه الراحل قاسم طوير كما يلي:
"تربة مجهولة تقع داخل مقبرة. تتألّف التربة من بناء مربّع الشكل ومتواضع المظهر شيّدت جدرانه الخارجيّة من الحجارة المنحوتة التي تتناوب الألوان في مداميكها بحيويّة بالغة وتتخلّلها حجارة مسنّنة وأقراص حجريّة زهريّة الشكل. يعلوا الباب عقد عاتق أمّا النوافذ فقد سدّت بالحجارة بعد أن زال الشبك الحديدي الذي ازدانت به قديماً. القبّة مدبّبة الرأس منتفخة البطن وهي مشيّدة من الآجرّ ومطليّة بالجصّ ورغم أنّنا لم نعثر على كتابة عليها إلّا أنّنا نرجح أنّها ترقى إلى القرن الثامن الهجري (*).
(*) الرابع عشر للميلاد.
لا تترك الصورة مجالاً للشكّ أنّ التربة - بأشرطتها وزهراتها الزخرفيّة ومداميكها الأبلقيّة وبالرغم من بساطة طاستها - مملوكيّة الطراز وبناءً عليه من المعقول جدّاً أنّها تعود للقرن الرابع عشر. يرى عدد من العلماء والباحثين أنّها تربة ابن هلال التي ذكرها الدكتور قتيبة الشهابي باختصار في معجم دمشق التاريخي نقلاً عن البداية والنهاية لابن كثير فقال: "كانت بسفح قاسيون بحارة مسجد التينة من الصالحيّة عند مسجد ابن هلال". هذا محتمل وإن تعذّر البتّ في الموضوع نظراً لغياب النقوش التاريخيّة (التي فشل العالمان الألمانيّان في العثور عليها).
تعود الصورة العليا الملحقة من مجموعة Herzfeld إلى الربع الأوّل من القرن العشرين وهي معنونة "دمشق المهاجرين" مع التعليق في شرح المحتويات "عمارة سوريّة دمشق مهاجرين يلبغا". لا يوجد على حدّ علمي أي دليل على أي علاقة ليلبغا مع هذه التربة.
الصورة الثانية عن Wulzinger & Watzinger تاريخها ١٩١٧ - ١٩١٨.
الآثار الإسلاميّة في مدينة دمشق. تعريب قاسم طوير
Karl Wulzinger & Carl Watzinger. Damaskus, die Islamische Stadt. Walter de Gruyter 1924.
No comments:
Post a Comment