"واجهة حمّام مجهول في دمشق".
هكذا حدّد المصدر هذه الصورة العائدة للربع الأوّل من القرن العشرين من مجموعة Herzfeld وهذا خطأ يعود الفضل بإصلاحه إلى الأستاذ ربيع دبّوسي ومجموعة "طرابلس ونوادر الصور" على الفيسبوك.
أثارت هذه اللقطة التاريخية لديّ التساؤلات التالية:
- هل الصورة فعلاً لواجهة حمّام؟ ليست واجهات حمّامات دمشق عادةً على هذه الدرجة من البذخ مع استثناءات نادرة كحمّام التوريزي في باب سريجة وحمّام فتحي في الميدان. بالطبع تواضع المباني من الخارج شائع في كثير من أوابد دمشق وهو القاعدة في بيوتها التقليديّة حتّى أكثرها أبّهةً.
- ماذا عن صفّ الشبابيك في الطابق العلوي؟ يحمل تجويف بوّابة المدخل مع النوافذ على طرفيها والمداميك الحجريّة طابعاُ عريقاً وأصيلاً أمّا الطابق العلوي بتفاصيله فيبدوا أكثر حداثةً. بعبارة ثانية ما هو تاريخ البناء؟ البّوابة على الأقلّ تحمل الطابع المملوكي.
- لفت الدكتور عبد الرزّاق معاذ نظري مشكوراً إلى التشابه بين عقد بوّابة المدخل وبين نظيره في حمّام عبد الباسط المندثر في الجسر الأبيض ومع ذلك تبقى كثير من الفروقات التي يصعب تبريرها بين الآبدتين.
- هل لا يزال الحمّام أو البناء موجوداً اليوم؟
- ما هو الموقع؟ هل هو في دمشق على الإطلاق؟ هناك الكثير من الأخطاء في أرشيف Herzfeld على موقع Smithsonian الذي يحتاج - على غنى مادّته - إلى دقّة أكبر في تحديد المعالم وتصنيفها. مع الأسف لا يحتوي كتاب Écochard & Le Cœur - أفضل دراسة عن حمّامات دمشق إلى اليوم - على أي صور وبالتالي تحديد هويّة البناء باستشارة هذا المرجع غير ممكنة.
بمقارنة صورة Herzfeld مع عدد من الصور التي حمّلها الأستاذ دبّوسي علي الفيس في التاسع من كانون أوّل عام ٢٠١٨ (تظهر فيها البوّابة والنوافذ بوضوح أكثر من كافٍ) تبيّن لي أنّنا أمام حمّام المنزل المملوكي في طرابلس الشام الذي بني بمبادرة من نائب طرابلس أسندمر الكرجي (ومنه اسمه الثاني قيساريّة أسندمر) في مطلع القرن الرابع عشر للميلاد. اندثر هذا الخان الجميل مع الأسف خلال القرن العشرين خلال توسيع مجرى نهر أبو علي في النصف الثاني للقرن العشرين.
ربيع دبّوسي. طرابلس ونوادر الصور
شريف عبد الحميد محمّد عبد الهادي. نيابة طرابلس الشام في عهد سلاطين المماليك
No comments:
Post a Comment