Wednesday, April 26, 2023

زيارة قبر المسيح

 


رأينا أنّ "لوحة "القيامة" تمتدّ على النسق الأدنى من الجدارين الشرقي والشمالي لبيت المعموديّة في كنيسة دورا أوروپوس  وأنّها - حسب Kraeling - موزّعة على ثلاثة أجزاء وأنّ الجزء الثالث يشغل القسم المتوسّط والأيسر من الجدار الشمالي.   


اكتشف الجزء الثالث أوّلاً في موسم التنقيب للعام ١٩٣١-١٩٣٢ أمّا الأوّل والثاني فقد تأخّر اكتشافهما ستّة أسابيع. ليست هذه الفترة بالطويلة ومع ذلك كان من نتائجها أنّ التصوير المبدئي لم يشمل هذين الجزأين وأنّهما لم يشحنا إلى جامعة Yale الأمريكيّة حتّى العام ١٩٣٣. ليس ذلك فحسب، بل لم ينشر أي شيء عنهما في الدراسات العديدة عن الكنيسة حتّى عام ١٩٦٧ و"التقرير النهائي".    


يمكن في ضوء هذه المقدّمة فهم ما قاله Seston في صدد هذه اللوحة عام ١٩٣٦ (أي كونه لم يتعرّض للجزأين الأوّل والثاني والجدار الشرقي) والذي سأبدأ بالتعرّض له قبل العودة إلى رأي Kraeling والاختتام بتفسير Peppard:   


جدار بيت المعموديّة الشمالي يقع في مواجهة المدخل وكان مغطّىً بلوحات لم يبق إلّا نصفها. تقسم شرائط بيضاء أو رسم أخرق إلى أبعد الحدود يفترض أن يمثّل طنف corniche هذا الجدار إلى نسقين نفّذ الأسفل منهما بعنايةٍ أكبر ونرى فيه ثلاثة نساءٍ يحملن شموعاً كبيرةً وآنيةً ويتفدّمن باتّجاه قبرٍ ناصع البياض على خلفيّة المشهد الحمراء الداكنة. تمثّل اللوحة زيارة النساء للقبر المقدّس بعيد قيامة الربّ. هذه الزيارة بدعة خارجة عن المألوف وليست موجودة في سراديب رومية وناپولي ولا نراها في الفنّ الغربي على الإطلاق حتّى القرن الخامس أو السادس إذ هي من ابتكار فنّانيّ الشرق الذين طالما رسموها على جدران الكنائس القبدوكيّة وهوامش المخطوطات. مع ذلك لا يمكن تصنيف لوحة دورا هذه مع أيّ من النماذج المعروفة التي انتشرت اعتباراً من القرن الخامس على إثر موجات الحجّ الكبرى إلى الديار المقدّسة إذ لا نرى فيها الملاك ولا الحارس النائم. هيئة ضريح المسيح فريدة أشبه بناووس على الأرض مزيّن بالأكاليل ولا يوحي بالقبر الذي نحته يوسف الرامي ولا بالبناء الدائري الذي سيمثّل لاحقاً القبر المقدّس اعتباراً من قسطنطين الكبير. هناك نجمة ذهبيّة ذات إثني عشر شعبةً على زوايا الناووس العلويّة ومن المعروف أنّ الأضرحة على النقد الروماني أيضاً متوّجة بنجوم بعد تأليه العاهل. هناك تفسير آخر أكثر احتمالاً فيما يتعلّق بالقبر المقدس ويستند إلى الأدبيّات المسيحيّة: من المحتمل أنّ علماء اللاهوت في الشرق - في مسعىً يهدف إلى إضفاء صفةٍ كونيّةٍ على الحدث - ربطوا بين تجلّي النجمة وقيامة المسيح. يحسن هنا أن نتذكّر أنّ عيد الغطاس في الشرق هو أيضاً المناسبة التي يحتفل خلاها بتعميد المسيحييّن الجدد وعيد الأنوار إذ ينشد المنشدون مدائح العالم الذي عمّه الضياء. لربّما رمزت النجوم على القبر إلى شعائر العبادة بكل بساطة. 


يتبع.






William SestonL'église et le baptistère de Doura-Europos.

Carl Hermann Kraeling. The Excavations at Dura-Europos. Final Report. Volume VIII, part 2. The Christian Building 1967. 

Michael Peppard. The World's Oldest Church. Yale University Press 2016. 

No comments:

Post a Comment