يترتّب على ذلك أنّ تحدّي آراء هؤلاء العلماء - وكلّهم من الطراز الأوّل - مسألة عسيرة للغاية وتتطلّب الكثير الكثير من المعرفة وكمّاً لا بأس به من الخيال والجرأة.
أثار Peppard عدّة اعتراضات على تفسير "مشهد القيامة" أهمّها الآتية:
- ما سبب وجود المشاعل؟ تتّفق الأناجيل الإزائيّة (Synoptic Gospels أي متّى ومرقس ولوقا) على زيارة عدّة نساء لقبر المخلّص بيد أنّ هذه الزيارة تمّت في الفجر وبالتالي لا لزوم للمشاعل فيها. إنجيل يوحنّا الوحيد الذي ذكر أنّ الزيارة جرت "والظلام باقٍ" ولكنّه يقتصر على المجدليّة ولا يشير إلى الحنوط متّفقاً في ذلك مع الإنجيل الرباعي Diatessaron. استند Kraeling في تفسيره لهذه التناقضات على الإنجيل الرباعي (التوفيقي).
- هل ما نراه على يسار الناظر ناووس حقّاً؟ إذا كان الجواب بالنفي فهذا يعني رفض تفسير "زيارة القبر" أو "مشهد القيامة" من أساسه ووجوب التفتيش عن قراءة مختلفة (العذارى الحكيمات والجاهلات كما سنرى). اتّفق Kraeling و Grabar أنّ ما نراه بالفعل ناووساً رغم تنفيذه الأخرق والمعالجة السيّئة للمنظور ورغم أنّه مغلق (حلّ Kraeling الإشكال الأخير بتفسير مفاده أنّ يسوع ترك الضريح دون الحاجة إلى فتحه تماماً كما ترك الطفل الإلهي رحم العذراء دون ولادة). مع ذلك هناك قراءة مختلفة - مبكّرة وميدانيّة - للناووس المزعوم تتلخّص بكونه "بناءً أبيض".
- غياب الملائكة - ناهيك عن غياب المسيح قبل وبعد قيامته - وكما رأينا اقترح Kraeling النجوم على "الناووس" رمزاً للملائكة.
الخطوة التالية تفسير المشهد اعتماداً على الإصحاح الخامس والعشرين من إنجيل متّى أي القصّة الرمزيّة للعذراوات الحكيمات والجاهلات. استبعد Kraeling و Grabar هذا الاحتمال الذي مال إليه Peppard كما سنرى.
William Seston. L'église et le baptistère de Doura-Europos.
Michael Peppard. The World's Oldest Church. Yale University Press 2016.
بدايات المسيحية كان تأثير المذاهب الغنوصية منتشر بالمنطقة وله اتباع كثر .. وروايات الاناجيل كثيرة .منها صحيح ومنها رمزي ..ولم تكن الكنيسة قد بلورت العقيدة المسيحية بنصها النهائي ..وكان اختلاف على طبيعة المسيح ومجيئه الى العالم ..وبنفس الوقت كانت المسيحية اليهودية طاغية على الرسل والتلاميذ .. فمن غير المستغرب ان تظهر تأويلات وتفسيرات متباينة لنص الاناجيل .. ومع ذلك ما جاء في الاناجيل الاربعة (متى لوقا مرقس ويوحنا ورسائل بولس ..)كان طاغيا على الكنائس والمؤمنين الاوائل .. وحسم الامر بمجمع نيقية عام ٣٢٥م.. والجماعات الصغيرة التي تمسكت بمسيحيتها اليهودية ، (الذين يدعو نصارى فيما بعد مع الاسلام )هاجروا الى اماكن بعيدة عن بلاد الشام ... قسم سكن بالجزيرة العربية وقسم هاجر الى اوروبة بلغاريا بلاد الاندلس ...ولكنهم ظللوا اقلية عددية ..ولم يكن لهم تأثير لاهوتي او فلسفي كبير ...
ReplyDeleteReply1h
Hayssam Kadah
الياس بولاد أفهم من كلامك أنّ من تمسّكو بالمسيحيّة اليهوديّة هم من رفضو مجمع نيقية؟ الأريوسيّون؟ يا حبّذا لو تكرّمت بمزيد من الشرح عن هذه النقطة أستاذ الياس مع جزيل شكري.
Reply24m
الياس بولاد
Hayssam Kadah
شكرا للاهتمام ..قبل ان نصل الى مجمع نيقية ..والمجامع التي تلته ..وكلها تفصيل وخلافات فلسفية لاهوتية كبيرة ..وبالتالي ترتيب الهيكلية الكنسية وتطويرها وتعقيدها اكثر مما جاء برسائل بولس الذي قصر خدمة الكنيسة بالكاهن والشماس وبالترتيب البسيط لخدمة المؤمنين ...
اول مجمع حدث في المسيحية (مذكور باعمال الرسل) وحدث فيه انشقاق بين مفهومين للمسيحيةحدث باورشليم على عهد بطرس ويعقوب الرسل واستفانوس الشهيد احد التلاميذ ..وملخصه ان يعقوب وبطرس لم يتقبلوا الامم لدخول المسيحية ما لم يمروا ويتقبلوا الطقوس اليهودية ومنها الختان .عارضهم استيفانوس .. وتابع بولس خلافه مع بطرس لتحديد مفهوم من هو المسيحي ..
اما المجامع الكنسية (السبعة)فهي تطور لما واجهته المسيحية من المذاهب الغنوصية من معارضة واجتذاب الاتباع حيث الخلافات التي واجهت المسيحية البدائية بعد مجمع اورشليم تخطها المؤمنون الجدد الذين بشرهم بولس والتلاميذ ال٧٢ في ارجاء الامبرطورية الرومانية واصبحوا الاكثرية .. وثقافتهم كانت ثقافة يونانية رومانية ..على الاغلب وفي بلاد ما بين اانهرين كانت فارسية زردشتية متهلينة ... هذا باختصار شديد وعام ..