Tuesday, April 4, 2023

يسوع ماشياً على البحر: الوصف والتفسير

 


يجمع قاسمان مشتركان بين ثلاثٍ من لوحات كنيسة دورا أوروپوس المنزليّة. اللوحات الثلاث هي: يسوع ماشياً على البحر وشفاء المفلوج والراعي الصالح. القاسمان المشتركان هما:


- تمثّل هذه اللوحات الثلاث الظهور الأوّل - ضمن حدود المعطيات المتوافرة - للمسيح في فنّ التصوير سواءً بشكل صريح (المشي على الماء وشفاء المفلوج) أو ضمني (الراعي الصالح). 

- هذه اللوحات الثلاث هي الأسهل تفسيراً في الكنيسة استناداً إلى كتاب العهد الجديد وبالتالي ليس هناك خلاف على المشاهد التي تمثّلها على الإطلاق. 


نبدأ بلوحة المسيح ماشياً على البحر وهي كما رأينا على النسق الأعلى لجدار الكنيسة الشمالي. 


القسم الأعلى على يمين الناظر تالف مع الأسف أمّا عن مركز اللوحة فنميّز به ما تبقّى من سفينةٍ كبيرة على متنها أربعة من الرسل (على الأرجح احتوت اللوحة الأصليّة على إثنين إضافييّن على الأقّل) في ثياب يونانيّة (خيتون) طويلة الأكمام يرفعون أيديهم مشدوهين شاخصين نحو المسيح وبطرس على اليمّ في مقدّمة الصورة. 


الذكر الأوّل لهذه الرواية في الإصحاح السادس من إنجيل مرقس (الآيات ٤٥-٥١):


وَلِلْوَقْتِ أَلْزَمَ تَلاَمِيذَهُ أَنْ يَدْخُلُوا السَّفِينَةَ وَيَسْبِقُوا إِلَى الْعَبْرِ، إِلَى بَيْتِ صَيْدَا، حَتَّى يَكُونَ قَدْ صَرَفَ الْجَمْعَ.

وَبَعْدَمَا وَدَّعَهُمْ مَضَى إِلَى الْجَبَلِ لِيُصَلِّيَ.

وَلَمَّا صَارَ الْمَسَاءُ كَانَتِ السَّفِينَةُ فِي وَسْطِ الْبَحْرِ، وَهُوَ عَلَى الْبَرِّ وَحْدَهُ.

وَرَآهُمْ مُعَذَّبِينَ فِي الْجَذْفِ، لأَنَّ الرِّيحَ كَانَتْ ضِدَّهُمْ. وَنَحْوَ الْهَزِيعِ الرَّابِعِ مِنَ اڵَّيْلِ أَتَاهُمْ مَاشِيًا عَلَى الْبَحْرِ، وَأَرَادَ أَنْ يَتَجَاوَزَهُمْ.

فَلَمَّا رَأَوْهُ مَاشِيًا عَلَى الْبَحْرِ ظَنُّوهُ خَيَالًا، فَصَرَخُوا.

لأَنَّ الْجَمِيعَ رَأَوْهُ وَاضْطَرَبُوا. فَلِلْوَقْتِ كَلَّمَهُمْ وَقَالَ لَهُمْ: «ثِقُوا! أَنَا هُوَ. لاَ تَخَافُوا».

فَصَعِدَ إِلَيْهِمْ إِلَى السَّفِينَةِ فَسَكَنَتِ الرِّيحُ، فَبُهِتُوا وَتَعَجَّبُوا فِي أَنْفُسِهِمْ جِدًّا إِلَى الْغَايَةِ،


القصّة مكرّرة مع اختلاف في التفاصيل في الإصحاح السادس من إنجيل يوحنّا (الآيات ١٦-٢٢): 


وَلَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ نَزَلَ تَلاَمِيذُهُ إِلَى الْبَحْرِ،

فَدَخَلُوا السَّفِينَةَ وَكَانُوا يَذْهَبُونَ إِلَى عَبْرِ الْبَحْرِ إِلَى كَفْرِنَاحُومَ. وَكَانَ الظَّلاَمُ قَدْ أَقْبَلَ، وَلَمْ يَكُنْ يَسُوعُ قَدْ أَتَى إِلَيْهِمْ.

وَهَاجَ الْبَحْرُ مِنْ رِيحٍ عَظِيمَةٍ تَهُبُّ.

فَلَمَّا كَانُوا قَدْ جَذَّفُوا نَحْوَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ أَوْ ثَلاَثِينَ غَلْوَةً، نَظَرُوا يَسُوعَ مَاشِيًا عَلَى الْبَحْرِ مُقْتَرِبًا مِنَ السَّفِينَةِ، فَخَافُوا.

فَقَالَ لَهُمْ: «أَنَا هُوَ، لاَ تَخَافُوا!».

فَرَضُوا أَنْ يَقْبَلُوهُ فِي السَّفِينَةِ. وَلِلْوَقْتِ صَارَتِ السَّفِينَةُ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي كَانُوا ذَاهِبِينَ إِلَيْهَا.

وَفِي الْغَدِ لَمَّا رَأَى الْجَمْعُ الَّذِينَ كَانُوا وَاقِفِينَ فِي عَبْرِ الْبَحْرِ أَنَّهُ لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ سَفِينَةٌ أُخْرَى سِوَى وَاحِدَةٍ، وَهِيَ تِلْكَ الَّتِي دَخَلَهَا تَلاَمِيذُهُ، وَأَنَّ يَسُوعَ لَمْ يَدْخُلِ السَّفِينَةَ مَعَ تَلاَمِيذِهِ بَلْ مَضَى تَلاَمِيذُهُ وَحْدَهُمْ.


لا يظهر بطرس في هاتين الروايتين ولكنّه يحتلّ مكاناً بارزاً في الإصحاح الرابع عشر من إنجيل متّى كما رأينا (الآيات ٢٢-٣٤). 


من يسوع ومن بطرس في لوحة كنيسة دورا؟ 


المسيح في رأي Seston (صفحة ١٧٠-١٧١) هو الواقف على يمين الناظر (الرأس والعنق والكتف الأيسر تالفة) ويتّفق معه في هذا التفسير كثير من الأكاديمييّن الذين يستندون في تفسيرهم على المستوى الأدنى للشخص على اليسار ومنه يستنتجون أنّه بطرس على وشك الغرق.


الصواب (في رأي Kraeling ص ٦٣ ويوافقه عليه Peppard ص ٨٩) أنّ الشخص على اليمين هو بطرس آتياً من السفينة وأنّ الثاني يسوع دون أدنى شكّ بدلالة ردائه اليوناني chiton وعبائته himation كما في مشهد شفاء المفلوج الذي سيأتي دوره. بطرس حسب هذا التأويل هو الواقف بين السفينة من جهّة والمخلّص من جهةٍ ثانية قبل أن يتملّكه الذعر ويوشك على الغرق.







William SestonL'église et le baptistère de Doura-Europos.

Carl Hermann Kraeling. The Excavations at Dura-Europos. Final Report. Volume VIII, part 2. The Christian Building 1967. 

Michael Peppard. The World's Oldest Church. Yale University Press 2016. 

No comments:

Post a Comment