لا زلنا في صدد تفسير لوحة داود وجليات على جدار غرفة المعموديّة في كنيسة دورا أوروپوس المنزليّة وقد رأينا أنّ البعض فسّر انتصار داود على غريمه العملاق بانتصار يسوع على الموت والبعض الآخر ربط هذا المشهد العسكري بموقع المدينة كنقطة مجابهة حدوديّة. التأويل الثالث يتعلّق بشخص داود ذاته كمصطفى الربّ الذي مسحه النبي صموئيل كما مسح شاول من قبله:
فَأَخَذَ صَمُوئِيلُ قَرْنَ الدُّهْنِ وَمَسَحَهُ فِي وَسَطِ إِخْوَتِهِ. وَحَلَّ رُوحُ الرَّبِّ عَلَى دَاوُدَ مِنْ ذلِكَ الْيَوْمِ فَصَاعِدًا (صموئيل الأوّل الإصحاح السادس عشر الآية الثالثة عشرة).
"المسيح" أو messiah هو من جرى مسحه the anointed one بالزيت ولدينا مقابل هذا المصطلح العبري - الآرامي - السرياني مصطلحاً يونانيّاً يقابله christos ومنه Christ بالإنجليزيّة والفرنسيّة وما يقابله في سائر اللغات الأوروپيّة.
"المسح" بمثابة تدشين لعهد الملك أو الكاهن أو حتّى النبي وهو الأوّل من الطقوس السوريّة الثلاث أمّا الثاني فهو المعموديّة والثالث والأخير القربان Eucharist. بالمسح تحلّ الروح القدس في المعتقد المسيحي على المسيح وللمسح أولويّة على العمادة كونه يعرّف الدين المسيحي وزيت المسح (قارن مع الميرون) - الروح القدس - يطفو فوق ماء المعموديّة. الزيت أيضاً مصدر للنور و"التنوير" والنار وهو بمثابة الختم أو العلامة على رأس المسيح ومن الممكن المقارنة بين المسح والمعموديّة من جهة والختان الذي كرّس عهد الربّ مع إبراهيم من جهةٍ ثانية (تكوين الإصحاح السابع عشر الآية العاشرة).
داود المسيح (أي الذي جرى مسحه) والملك لدى المسيحييّن إذاً أكثر محاربيّ عصره جبروتاً وهو في نفس الوقت الراعي ومؤلّف المزامير (الزبور لدى المسلمين) وأورفيوس عازف القيثار.
داود بالنسبة لليهود إذاً هو المسيح (أي الذي مسح) ويسوع لدى المسيحييّن سليل داود بامتياز ومسيح الله الجديد.
اللوحة الملحقة مسح داود على يد صموئيل وهي من كنيس دورا اليهودي كما سبق ورأينا.
William Seston. L'église et le baptistère de Doura-Europos.
Michael Peppard. The World's Oldest Church. Yale University Press 2016.
No comments:
Post a Comment