من المفروض أنّ هذا التمثال الكلاسيكي هو أحد مقتنيات متحف دمشق الوطني استناداً إلى الصورة في مقال الأستاذ جودت شحادة والتعليق عليها بالنصّ التالي:
"الشكل ٧: تمثال رخامي لرامي الرمح (دوريفورس) وهو للفنّان اليوناني بوليكليت يعود إلى أوائل القرن الثاني الميلادي، رقم السجلّ ٢٥٦٦٣".
عنوان المقال الحاوي للصورة في الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة: "السويداء في ذاكرة التاريخ من خلال معروضاتها في المتحف الوطني بدمشق" أمّا عن الفقرة المتعلّقة بالتمثال في متن المقال فهي الآتية: "واحهة القبر البازلتي هذه (إشارة إلى ناووس تعرّضنا إليه أمس) نلحظ أنّها قد نحتت من قبل مدرسة تقليديّة محليّة لا تعتمد على المقاييس والنسب بعكس ما نراه في تماثيل رامي الرمح لبوليكليت أو تماثيل ربّات الجمال لمدرسة ليزيب أو إلى تماثيل اسبازيا لفيدياس، التي كانت من صنع مدارس اللاذقيّة أو أفاميا أو الرستن (الشكلان ٦ و ٧)".
مع الأسف لم أنجح في العثور على أي معلومات أو صور إضافيّة عن هذا التمثال البديع في المراجع المتوافرة لي عن متحف دمشق اللهمّ إلّا إذا كان من مقتنيات متحف "اللاذقيّة أو الرستن أو أفاميا". بالإمكان مع ذلك إبداء الملاحظات التالية:
أوّلاً. التعريب الصحيح لكلمة doryphoros ليس رامي الرمح بل حامل الرمح.
ثانياً. إذا كان المقصود الفنّان اليوناني Polykleitos فهو ينتمي للقرن الخامس قبل الميلاد ولم يبق من أعماله الأصليّة من البرونز لا قليلاً ولا كثيراً ولكنّنا مع ذلك نعرفها عن طريق نسخ رخاميّة لاحقة من العهد الروماني (ينطبق هذا على كثير من الآثار الفنيّة اليونانيّة). تتميّز هذه الأعمال الكلاسيكيّة بنحت جسد وملامح الرجل (كما في حال النموذج أعلاه وتماثيل الإمبراطور Augustus Caesar) والمرأة (كما في الزهرة الميلوسيّة أو Aphrodite de Milo) في حالة مثاليّة وكأنّها تصورّ الآلهة الأوليمبيّة الكاملة الأوصاف. علّ ما قصده الأستاذ شحادة نسخة من القرن الثاني للميلاد عن بوليكليت ومن المتعارف عليه أنّ أعمال باكورة العهد الروماني مستقاة إلى درجة كبيرة من النماذج اليونانيّة.
ثالثاً. هناك بون شاسع بين هذا النحت الرخامي وبين منحوتات السويداء البازلتيّة سواء من ناحية الموضوع theme أو التنفيذ أو الأسلوب. السؤال والحال هذه ما هو مصدر هذا التمثال؟ هل أدرجه الأستاذ شحادة في مقال عن آثار السويداء فقط بهدف المقارنة؟ يدلّ ترقيمه على أنّه من مقتنيات المتحف ولكن هل الكلام بالضرورة عن متحف دمشق؟ أسئلة لا أملك عليها إجابةً في الوقت الحاضر.
جودت شحادة. السويداء في ذاكرة التاريخ. الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة ١٩٩٠.
No comments:
Post a Comment