الأولى على لسان بطريرك القدس (٦٣٤-٦٣٨ للميلاد) صفرونيوس Sophronius وهو من مواليد دمشق وعاصر الفتح الإسلامي للقدس عام ٦٣٧-٦٣٨. يقال أنّه عندما استقبل الخليفة عمر بن الخطّاب التفت إلى أحد مرافقيه وكلّمه باليونانيّة (*) قائلاً "حقّاً هذا رجس الخراب الذي تكلّم عنه النبي دانيال ورآه قائماً في المكان المقدّس" (سفر دانيال الإصحاح الحادي عشر الآية ٣١).
ترك صفرونيوس لنا ذكراً للمدينة مزج فيه سرد العهد القديم (حزائيل) والعهد الجديد من جهة (خصوصاً قصّة شفاء القدّيس بولس من العمى وفراره من المدينة في سلّة أدليت من نافذة), مع المصادر الكلاسيكيّة من جهة ثانية وكيف ترك الملك الإيراني داريوس كنوزه في دمشق ليستحوذ عليها الإسكندر الأكبر بعد انتصاره. اعتبر صفرونيوس مدينة صور المزاحم الأكبر لدمشق.
وصلت شهادة ثانية في مديح دمشق إلينا كتبها ياليونانيّة مؤلّف وثنيّ مجهول وهي سابقة بمئتيّ عام لما كتبه صفرونيوس. يدعى هذا النصّ "رسالة إلى سيرابيون" Lettre à Sérapion ومن الواضح أنّ المؤلّف دمشقي:
"مدينة Zeus (**) الأصيلة وعين المشرق بأكمله. أتكلّم هنا عن دمشق العظيمة المقدّسة التي فاقت جميع المدن في جمال حرمها وجلال معابدها واعتدال مناخها وروعة ينابيعها وغزارة مياهها وخصوبة تربتها".
إذاً دمشق مدينة مقدّسة في المصادر الوثنيّة بدلالة الرسالة الموجّهة إلى سيرابيون والمسيحيّة بشهادة صفرونيوس وستبقى كذلك في العصور الإسلاميّة كما كتب الربعي (فضائل الشام) وابن عساكر وغيرهم.
(*) فيليب حتّي تاريخ سوريا تعريب كمال اليازجي وجبرائيل جبّور الجزء الثاني ص ١٥.
(**) المشتري كبير الآلهة.
للحديث بقيّة.
دمشق في النصوص السايقة للإسلام
Pierre-Louis Gatier. Annales archéologiques arabes syriennes 41-54. LI-LII 2008-2009.
No comments:
Post a Comment