اقتبست الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة في عددها الصادر للعامين ٢٠٠٨-٢٠٠٩ هذا المقال عن محاضرة ألقاها الباحث الراحل نسيب صليبي في مكتبة الأسد الوطنيّة في السادس والعشرين من تشرين ثاني عام ١٩٩٥.
لا ضير من تكرار أنّ قلعة دمشق ثاني أهمّ أوابد دمشق بعد جامع بني أميّة الكبير وهي تتقدّمه من ناحية المساحة إذ تشغل ٤٢٠٠٠ متر مربّع في الزاوية الشماليّة الغربيّة للمدينة القديمة ناهيك عن الخندق الذي أحاطها في الماضي بعرض ثلاثين متراً وعمق ستّة أمتار.
القلعة الاًصليّة سلجوقيّة ولكنّها بشكلها الحالي أيّوبيّة تعود إلى مطلع القرن الثاني عشر وعهد الملك العادل الذي قام بتوسيعها وتحصينها. لا تزال القلعة شامخة بكلّ جلالها رغم الدمار الذي ألحقه بها المغول والتتار في أكثر من مناسبة ورغم إهمالها وبناء الأسواق حولها على حساب خندقها ورغم استعمالها كسجن أخفت فيه المنشآت الطفيليّة المستحدثة كثيراً من معالمها الأصليّة إلى أمد قريب.
استلمت المديريّة العامّة للآثار والمتاحف القلعة عام ١٩٨٣ وأجرت عدّة حملات للتنقيب فيها بداية من عام ١٩٩٢. يروي لنا الأستاذ صليبي قصّة اكتشاف مبنى مربّع في زاويتها الجنوبيّة الشرقيّة طول ضلعه ٢٠ متراً تتوسّطه بركة ماء مربّعة ضلعها ثلاثة أمتار وتحيط بها أقنية لتصريف المياه الفائضة حولها أواوين مزوّدة بمساطب للجلوس.
عثر قرب البركة على قطع حجريّة عليها زخارف مشابهة لزخارف أواوين البيمارستان النوري وبعض قدور الطهي والصحون المزخرفة والأواني الزجاجيّة والجرار يقدّر أنّها تعود إلى القرون الثاني عشر إلى الرابع عشر للميلاد.
تسارع التنقيب في القلعة اعتباراً من عقد التسعينات وقدّر لمجلّة الدراسات الشرقيّة الصادرة عن المعهد الفرنسي في دمشق أن تنشر عدداً من المقالات المتعلّقة أجابت على الكثير من الأسئلة وطرحت مزيداً منها.
نسيب صليبي. التنقيب الوطني في قلعة دمشق. الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة العددان ٥١-٥٢ للعامين ٢٠٠٨-٢٠٠٩.
No comments:
Post a Comment